"غندور" و"محمد عطا" .. يوم الحصاد !!
{يحق لحكومتنا أن تهلل فرحاً، وتحكي للناس إنجازها وهي تحتفي بقرار الرئيس الأمريكي “باراك أوباما” برفع العقوبات المالية والاقتصادية المفروضة على بلادنا منذ العام 1997 م، فهذه الثمرة خلاصة بذرة امتدت سقياها مواسم ومواسم .. حتى تكلل النجاح في عهد “أوباما” و”كيري” .. و”غندور” و”محمد عطا” !!
{ونعترف أننا كنا من المشككين في مساعي “غندور” التي طالت واستطالت منذ أن زار “واشنطن” بدعوة من الإدارة الأمريكية عندما كان يتقلد منصب مساعد رئيس الجمهورية في فبراير من العام 2015 م، وقد كان “غندور” أرفع مسؤول سوداني توجه له دعوة (رسمية) لزيارة الولايات المتحدة الأمريكية منذ استلام (الإنقاذ) للسلطة في يونيو من العام 1989م، عدا ذلك زار مسؤولون سودانيون أمريكا تلبية لدعوات من الأمم المتحدة، أو بمبادرات من طرف واحد، أو للمشاركة في مؤتمرات وندوات أو لقاءات ومشاورات غير رسمية مع نواب في الكونغرس وموظفين في الخارجية والمخابرات ومجلس الأمن القومي.
{صحيح أن رفع العقوبات عن السودان يأتي نتاجاً لجهود جهات ومؤسسات مختلفة في الدولة أهمها جهاز الأمن والمخابرات الوطني، وقد أشار الرئيس “أوباما” في مذكرته للكونغرس توضيحاً لقراره التنفيذي الصادر في 13 يناير الجاري إلى التعاون الأمني الكبير بين السودان والولايات المتحدة خلال الـ(6) أشهر الماضية في مجال مكافحة الإرهاب، ونحن بالتأكيد غير مطلعين على أسرار وخبابا ما فعله جهاز المخابرات السوداني بقيادة رجل المخابرات الفريد الذي يعمل بفطنة .. ووعي .. وهدوء تام ودون جلبة الفريق أول “محمد عطا” خلال الأشهر القليلة الماضية، ما دفع الرئيس الأمريكي إلى اتخاذ قرار رفع العقوبات المالية والاقتصادية اعتباراً من يوم بعد غدٍ (الثلاثاء) الموافق 17 يناير الجاري ولكننا نرجح أن يكون قرار حكومة السودان وقف التعاون مع قائد التمرد في جنوب السودان الدكتور “رياك مشار” وانتقاله إلى جنوب أفريقيا، أحد أهم الملفات المعنية، فضلاً عن ما تحسبه أمريكا وحليفتها في المنطقة “يوغندا” انقطاعاً من الخرطوم عن “جيش الرب” اليوغندي المعارض المصنف في الولايات المتحدة كمنظمة إرهابية، رغم أن السودان لم يكن – عملياً – على صلة بجيش الرب منذ انفصال جنوب السودان في العام 2011م .
{وعكس ما يرى كثيرون، فإنني أعتقد أن إسرائيل ولوبياتها الصهيونية في أمريكا وأوربا ساهمت بطريقة غير مباشرة في رفع العقوبات عن السودان، وسربت “تل أبيب” عبر صحافتها قبل شهرين، دعوتها في اجتماع التأم بمقر الخارجية الإسرائيلية مع مسؤولين أمريكيين إلى رفع العقوبات عن السودان، لوقف تعاونه مع حركة “حماس” ووقف حركة تهريب السلاح إلى قطاع “غزة” عبر الطريق الموازي لساحل البحر الأحمر مروراً بمصر، وهو الاتهام الذي ظلت توجهه إسرائيل لبلادنا، ما تسبب في شن حوالي (5) غارات جوية على سيارات وقوافل في مدينة “بور تسودان” وخارجها، تلتها ضربة جوية على مصنع “اليرموك” جنوب الخرطوم خلال السنوات الماضية .
{إسرائيل ورغم القطيعة الدبلوماسية مع بلادنا وعدم اعتراف دولتنا بها، فإنها ومن عجب، لا تصنف السودان (دولة معادية) !!
{وقد اعتبر موظفون في الخارجية الإسرائيلية مؤخراً أن استمرار فرض العقوبات الأمريكية والأوربية على “الخرطوم” يؤدي إلى إضعاف وتفكيك الدولة وخلق بيئة مساعدة على الإرهاب، ولذا فإنها ترى ضرورة تشجيع حكومة السودان على اتخاذ المزيد من الخطوات الإيجابية في مكافحة الإرهاب .
{وإذا كانت إسرائيل تشجع أمريكا على رفع العقوبات عن السودان، فإن (المعارضين) الذين يعولون على إلغاء الرئيس الأمريكي الجديد “دونالد ترامب” لقرار “أوباما” بسبب تطرفه العام، لا يحسنون قراءة تفاصيل المشهد الدولي وزوايا المصالح الأمريكية والإسرائيلية .
{ينبغي ألا تعول قوى المعارضة السودانية، إن كانت وطنية حقاً، على عقوبات أمريكية أو أممية على حكومة السودان، لتسقط النظام الحاكم، فقد أسقطت شعوب من حولنا في “تونس”، “مصر” ،”ليبيا” و”اليمن” أنظمة مدعومة بقوة مالياً وعسكرياً واستخبارياً من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي، ورغم ذلك سقطت خلال أيام معدودات، لأن الشعوب إذا قررت، لا تملك أمريكا من شيء غير تأييدها، وقد حدث ذلك في السودان عام 1985م عندما وقفت الولايات المتحدة تتفرج على إزاحة حليفها الأكبر المشير “جعفر نميري” من سدة الحكم، وكان حين اندلاع الثورة يزور “واشنطن”، وقال سفيرها في “الخرطوم” يومئذٍ قولته المشهورة لمسؤول سوداني رفيع : (Game Over) !!
{تهانينا الحارة بمئات الأطنان للدبلوماسي بالفطرة .. الرجل المهذب البروفيسور العالم “إبراهيم غندور” على هذا الإنجاز الكبير .. أحسنت .. أحسنت .. أحسنت.