خربشات الجمعة
في كل موسم رياضي يرتكب اتحاد كرة القدم من الفواحش الرياضية والأخطاء الجسيمة ما يثير الأندية الرياضية ويجعلها تلجأ للتهديد بالانسحاب من منافسات الدوري خاصة قطبي القمة الهلال والمريخ.. وتلك الفواحش والجنايات التي ترتكب بحق كرة القدم السودانية تعود لتركيبة الاتحاد الهشة وعقدة الانتماء للأندية التي (تلاحق) قادة الاتحاد الرياضي منذ انتخابهم.. ليس الاتحاد الحالي وحده.. بل معظم الاتحادات الرياضية المتعاقبة باستثناء (طبعاً) شخصية د.”كمال شداد” المعروف بانتمائه لفريق الهلال، لكنه مستقيم في سلوكه لا يتأثر بالأهواء الشخصية، ولكنه كثير الخصومات مع من يخالفونه الرأي.. بيد أن اتحاد كرة القدم الحالي الذي يقوده د.”معتصم جعفر” والأمين العام “مجدي شمس الدين” وأمين الخزانة “أسامة عطا المنان” يمثلون وجه الفشل في أقبح صوره.
في الموسم الماضي تحيز الاتحاد بصورة سافرة لنادي المريخ ومنحه بطولة لا يستحقها.. بعد معاقبة الهلال كادوقلي وخصم ثلاث نقاط من رصيده.. ومنحها للمريخ.. وكذلك سحب ثلاث نقاط من الأمل عطبرة في شكاوى عن صحة تسجيلات اللاعبين وهي مسؤولية الاتحاد وليست الأندية.. وخطأ الاتحاد أنه يحتفظ بالشكاوى حتى نهاية الموسم ليقدر متى تأثيرها على مسار الدوري، ثم يعلن النتيجة.. وبذلك يصبح الاتحاد شريكاً رئيسياً في الفوضى التي تضرب الوسط الرياضي.. ما الذي يجعل الاتحاد يؤجل الشكاوى حتى نهاية الموسم لينظر فيها وفق (تقديرات) بعيداً عن القانون وروحه واللوائح المنظمة.. وفي الموسم الماضي انسحب الهلال من المنافسة وتبعه “الميرغني” كسلا.. والأمل عطبرة.. ولم يتخذ الاتحاد عقوبات صارمة بحق الأندية المنسحبة.. وفرض على هلال كادوقلي لعب مباراة الملحق أمام النهضة ربك لينجو من الهبوط بأعجوبة.. وفي هذا الموسم أيضاً أجل الاتحاد النظر في شكوى المريخ ضد لاعبه السابق “شيبوب” حتى نهاية الموسم.. ولو لا مجاملة السلطات للمريخ وصدور قرار تعليق مباريات الدوري حتى نهاية جلسات الحوار الوطني.. لمضى المريخ في انسحابه بعد أن (قنع) من البطولة وأصبح يكابد من أجل (الوصافة) وهو يرتعد خوفاً من أهلي شندي فريق “صلاح إدريس” ومن ثم ينتظر مباراة هلال “الكاردينال” في ختام الموسم وهي مباراة ستشهد فوز المريخ على الهلال واسألوني عن ذلك بعد نهاية صافرة الحكم.
وإذا كان اتحاد كرة القدم قد أصبحت أيامه معدودة فإن المرشحين القادمين لقيادة الاتحاد بقيادة الفريق “عبد الرحمن سر الختم” لن يكونوا بأية حال أفضل من الحاليين، قد يذهب د.”معتصم جعفر” المريخابي ويأتي “عبد الرحمن سر الختم” الهلالابي.. ويذهب حركة إسلامية ويأتي مؤتمر وطني يستبدل تلاميذ د.”كمال شداد” بأنصار ومشجعي “كمال شداد” وحال الوسط الرياضي المريض يبقى كما هو الآن حتى تصعد لقيادة الاتحاد شخصيات مستقلة يتسم سلوكها بالنزاهة والاستقامة.
(2)
يظل “عثمان حسين” حاضراً في هجعة الليل مع “حسين خوجلي” في المساء.. ويبقى في أم درمان صادحاً بأحلى النغم و”عثمان حسين” نسخة من الفن نفدت من السوق وبضاعة أغلقت الشركة المنتجة أبوابها.. وعطر يجعل للحياة معنى.. وللفن قيمة وللإنسان رسالة وللشعراء موقفاً.. تأوه مع “السر دوليب” وهو يشدو برائعة حبيب الروح:
خلاص اتجمعوا القلبين
خلاص اتوحدوا الأملين
وأصبحنا رغم البين
روح واحدة في جسدين
مهما تقولوا ظلمني
ومهما تقولوا هجرني
لو باع لحبي وخدعني
ما بصدقكم
نحن لم نصدق بعد أن هذا الصوت العميق النادر قد رحل عن دنيانا قبل سنوات وبقيت هذه الألحان تتغلغل في أجسادنا وتغسل دواخلنا بالفرح كلما ران عليها الكدر وغشاها الجفاف.. رغم أن “عثمان حسين” نفسه مستودع من الأحزان حينما يشدو في هجعة الليل بروائع “محجوب سراج” آخر شعراء الزمان السمح:
كتير في بعدك وحشتني الليالي
أغالب دموعي وأكابد ملالي
طريقي المنور خلاص أضحى خالي
تعال يا حبيبي صدودك كفاية
تعددت أغنيات “عثمان حسين” وتنوعت بتعدد الشعراء من الطبيب الإنسان “الزين عباس عمارة” الذي كتب “أوعديني”.. إلى الشاعر الفذ “عمر البنا” الذي تغنى له “عثمان” “زيدني في هجراني”.. وقطف من بستان (الكمندان) الرائع “عوض أحمد خليفة” “خاطرك الغالي” التي تمثل جواز سفر لدنيا العشق والريدة.. والمحبة.
كم حاول يفرق بينا حاسد أو عزول
كم مرة قالوا جنيت عليه بدلت ضوء
أيامه ليل
لكني يا نور العذارى أنا ما بضيع حبي قول
تلقاني دائماً في رجاك وغناي في حبك رسول
شكراً لـ”عثمان حسين” هذا الهرم الذي يمثل وزير ثقافة غير معين من السلطات.. وأميراً للفن من غير وسام صادر من قصر الأشواق.. و”عثمان حسين” يبقى في دواخل كل عاشق للفن النبيل والطرب الأصيل.
(3)
منذ أن صادقت سلطات ولاية الخرطوم بأراضي الصحافيين ضمن مشروع الإسكان القومي قبل أكثر من عشر سنوات.. ظلت مدينة الصحافيين بالحارة (100) شبه خالية من أهلها.. لأن الصحافيين بطبيعة مهنتهم والسهر حتى الساعات الأولى من الصباح على قول الأستاذ “أحمد البلال الطيّب” يصعب عليهم السكن بعيداً عن دور الصحف.. وظل أغلب قادة الصحف يقطنون الأحياء المترفة المخملية مع أنهم يدعون الفقر.. والحارة (100) التي انتقلت إليها في شهر (مايو) الماضي تعتبر من أكثر أحياء أم درمان هدوءاً ولا صحة مطلقاً لمزاعم انتشار المجرمين والنهابين في طرقاتها، هي مدينة تقع بعيداً عن أحياء الثورات القديمة.. اتخذ النازحون والمطرودون من ديارهم بدارفور من أهلنا الفور وغيرهم البيوت غير المأهولة مساكن مؤقتة لهم.. وكما هو معروف عن الفور أنهم أكثر الناس تديناً وخلقاً قويماً لا ينهبون ولا يعتدون على غيرهم.. وهناك مجموعات كبيرة أيضاً من الجنوبيين العائدين.. وكثافة كبيرة لأهلنا النوبة الذين فرضت عليهم الحرب مغادرة جبالهم مكرهين.. وسط هذا التمازج من السكان تنعم الحارة (100) بالهدوء والأمان في انتظار تنفيذ وعود “مأمون حميدة” بإنشاء مستوصف.. ووعود الوالي السابق د.”عبد الرحمن الخضر” بإنشاء مدرسة.. وحتى ذلك الحين فإن شيوخ الحارة (100) يجتمعون في كل يوم بمسجدهم الصغير يتفقدون بعضهم.. يسألون عن الغائب في مودة أقرب لثقافة القرية.. كبيرهم “صلاح التوم من الله” وشيخهم “إبراهيم موسى” وأميرهم “الحاج الشكري” وبينهم “خديجة” إحدى منارات سونا، و”صلاح” مجلس الصحافة.. و”صلاح باب الله” هؤلاء يشكلون قاعدة المدينة الصحافية القادمة.. ولكن متى ينهض الذين يتقاسم رواتبهم ملاك البيوت ودكاكين الحلة.. وبيوت الصحافيين خالية من أهلها.. متى يتنفس “مصطفى أبو العزائم” نسائم الريف في حارتنا.. ومتى يهجر “عمرابي” أم درمان القديمة وكيف يقتنع “محمد عبد القادر” أن الحارة (100) أكرم إليه من شقق وعمارات الراقي ومدينة الشهيد طه الماحي.. وهل يمكن رؤية قادة اتحاد الصحافيين في أطراف المدينة مع عامة القاعدة الصحافية.