أنت الخطر الآمن
تذكرت وأنا أمتهن التفكير بك، أياماً مضت في رحاب ولايات السودان الدافئة: (شمال دارفور، الجزيرة، القضارف، كسلا)، التي لففناها بلفافات الأمل الأخضر تحريضاً ضد لفافات أخرى تحمل في معيتها الضياع، حيث كنا نجوب هذه الأماكن تثقيفاً وتوعية ضد خطر المخدرات في معية الشبكة الطلابية – إدارة مكافحة الايدز والمخدرات، والرابط بين هذا وذاك هو انتهاك شيء ما للعقل، هو المخدر، وامتلاك شيء ما لكل شيء هو أنت، غير أن الأول يعطيك النشوة الوهمية، والثاني يمدك بيقين الطمأنينة، والأول يمارسه الناس خفية، والثاني أسعى بما أوتيت من قوة أن يحمل معنى الوضوح الكامل!!
أنا لا أريدك أن تملأ الروح في غياب الضوء لأن كامل الضوء يرتدي ثوب حضورك، لذا أريد أن تظل واضحاً كما الوضوح، لا أريد أن أقارن وضوحك بالشمس لأنها تخفي وجهها حياء من الليل، وأنا أحببتك هكذا رافعاً رأسك كيفما يشتهي الكبرياء!!
حينما يتعاطى القلب حباًَ صادقاً خير من أن يتعاطى الفم أو الأنف أو الدم، سماً قاتلاً، وحينما يمتطي الفكر صهوة الخيال ويتجه نحوك يظهر تأثير ما تعاطت الدواخل من عشق يكفي لمسيرة ألف عمر!!
كذلك اتخذتك حباً وحرباً على كل هزيمة!!
كثيراً ما أقرأ افتراضات علماء النفس ومقترحاتهم لكيفية السيطرة على عامل الإدراك الحسي الذي ينتزعه كل ما يؤثر بالعقل. مصطلحات تصعب جداً على من لا يعرفها، مركز الأعصاب، النخاع الشوكي، وأنا لست بخبيرة لأنازع من اعترفت لهم سنين عمرهم وشهاداتهم، ولكني أدرك تماماً أن القلب بعير والعقل رسن لمن ليس في قلبه سوى الدماء، وأدرك تماماً أن العقل إناء فارغ إذا ما ترك القلب يطعمه ما يريد، وأدرك أيضاً أني كلما ملأت قلبي بالله إيماناً وجدتك منطقي، لذا تسري قشعريرة الصدق في دمي كلما ادّعى الجنون بك، فأتمتم شكراً لله على مجيئك، وأعود يملأني اليقين، وأغمض جفني ريثما تتبل الفؤاد لتطعمه لحبك الحلال.
فهنيئاً لك أيها الصادق في زمن الرياء، وهنيئاً لي سُكْراً حلالاً يوزع الحياة والأمل على أجزاء الجسد وكفى.