موسم (الحوت العميان).. عيد المساكين
يتنادى له هواة الصيد في القرى والمدن
المجهر- خالد الفاضل
(الحوت العميان) مسمى متداول بين محترفي صيد الأسماك في القرى والمدن التي تقع على ضفتي نهر عطبرة.. وما أن يفتح خزان خشم القربة بواباته لإجراء عملية النظافة السنوية حتى يتنادى الناس أن هلموا على صيد الأسماك العمياء التي يفقدها الطمي الكثيف حاسة البصر فتطفو على سطح المياه غنيمة سهلة للسماكة (الصيادين).. في المساحة التالية التقينا الأستاذ “ياسر بنياوي” واحد من الذين زاروا منطقة خشم القربة ليحدثنا عن موسم (الحوت العميان).. فماذا قال؟
{ طمي
يرتبط موسم (الحوت العميان) بالنظافة السنوية لخزان خشم القربة بغرض التخلص من ترسبات الطمي.. المياه بعد فتح الخزان تكون (عكرانة) جداً وتحمل كميات كبيرة من الطمي مما يسبب ضيقاً شديداً في التنفس للأسماك والأحياء النهرية الأخرى مما يضطرها للطفو على سطح ماء النهر وهنا يتحرك الناس على ضفتي نهر عطبرة والنيل من عطبرة باتجاه الشمال لاصطياد هذه الأسماك ويطلقون عليها اسم (الحوت العميان).. ويعدّ هذا الموسم مصدر فرحة للفقراء والمساكين الذين يستمتعون فيه بأطيب وجبات السمك.. وحتى سكان المدن البعيدة تصلهم بركات (الحوت العميان)، حيث تنخفض في أسواقها أسعار السمك بصورة ملحوظة ويجد كذلك عشاق الفسيخ فرصتهم للحصول على كميات كبيرة من الأسماك الصغيرة.
{ الصيد بـ(الكربل)
أوضح “ياسر” أن ما يميز موسم (الحوت العميان) أن الصيد فيه لا يحتاج إلى الأدوات التقليدية من الشباك وغيرها، وذلك لأن الأسماك تكون موجودة على سطح المياه لدرجة أن البعض يعتمد على يديه في الصيد والبعض الآخر يستخدم أدوات مستحدثة مثل “الكربل” (الوجلة) أو بالفأس الصغير (الفرار) و”الكربل” أو “الوجلة” عبارة عن سنارة كبيرة مصنوعة من السيخ و(تُركب في عود زي الفأس).
وعن طريقة العمل بها يقول “ياسر”: (يقف الشخص على الضفة أو يتقدم قليلاً، ويضرب بقوة عدة ضربات ثم يسحب السمك الذي اخترقته السنارة إلى الضفة).
{ كبروس ودبس وعين عجل
وعن أنواع وأحجام الأسماك في موسم الحوت العميان يقول “ياسر” إن أحجامها تتراوح بين الكبير والصغير وفي بعض الأحيان يصل حجم السمكة أكثر من (50) كيلو، وأنواع السمك “كبروس” و”دبس” و”عين عجل” و”قرقور” في الغالب. سألنا “ياسر” عن هذا الموسم هل هو حصري على الصيادين المحترفين فقط أم أنه مفتوح للجميع؟ فأجاب بسرعة: (لا لا ليس للمحترفين فقط، بل لكل الناس من سكان المدن والقرى على ضفاف نهر عطبرة ونهر النيل من عطبرة بلا استثناء).. ويضيف: (في الماضي كانت الكميات التي يتم اصطيادها لاستهلاك الأسر فقط، لكن في الآونة الأخيرة أصبح الصيد بكميات تجارية، ويقوم بعض التجار بمطاردة “الحوت العميان” من منطقة سيدون حتى يصلوا بحيرة سد مروي بالعربات، ويتم ترحيل الأسماك إلى أسواق العبيدية وعطبرة والدامر وشندي وحتى الخرطوم).
{ رحلات منظمة
وتحدث إلينا “ياسر بنياوي” عن تجربته الشخصية قائلاً: (ذهبت قبل أعوام وحصلت على كميات كبيرة. المسألة تعتمد على مهارة الشخص في التعامل مع “الوجلة”، وهنالك زبائن مداومون على موسم “الحوت العميان” وهم أصحاب تجارب وخبرة في مثل هذه المواسم، يأتون من مناطق كثيرة بينها الدامر وعطبرة وبربر، يشدون الرحال ومعهم أدوات الصيد المذكورة أعلاه ويعودون محملين بكميات معتبرة من الأسماك الطازجة يوزعون جزءاً منها على الأقارب والجيران). وأضاف: (قبل أيام اصطاد أبناء من منطقتنا بالرباطاب قرية أمكي “50” كيلومتراً جنوب أبو حمد كمية مقدرة من الأسماك بأحجام كبيرة بالرغم من الوقت المتأخر من الليل الذي وصل فيه “الحوت العميان”).