من حكيم (الهلال) و(الاتحاديين) إلى (المجهر)
الأخ الأستاذ “الهندي عز الدين” صاحب (المجهر) الذي يستقصي الحقائق ويكشف الخوافي والدقائق وعميد المنبر الذي ينثر اللطائف والرقائق.
السلام عليكم ورحمة الله،،،
وبعد،،،
كنت خارج الوطن العزيز وأنتم تضيئون شمعتكم الخامسة.. وإن فاتني شرف المشاركة حضوراً فإنني أشاركك بهذه الكلمات..
وتقبل مني أيها الأخ الكريم أصدق التهاني وخالص الأماني بمناسبة إيقاد الشمعة الخامسة لهذه الإصدارة– البشارة– وهذه الأقلام التي ترفدها والتي ما خار لها عزم ولا طاش لها سهم منذ أن عرفناها.
ثم إن (شهادتي لله) في حق هذه الصحيفة أنها لم تطفئ شمعة أبداً، بل ظلت توقد الشموع في كل عام، بل في كل يوم تخرج فيه لقارئها وهي تتدثر بثوب الصدق والصراحة، وما ذاك إلا لأنها أسست على بصيرة ناقدة وفطنة نافذة، لهذا ظلت تقف صامدة شامخة تتحدى صعاب هذه المهنة التي تجاوزت المدخلات والمعينات من أوراق وأحبار لتصل حد الحجر والحظر والتضييق أحياناً.
لقد أثبتت (المجهر) ومن خلال تجربة الأعوام القليلة الماضية أن الخط المستقيم الملتزم بقدسية الخبر وحرية الرأي هو الحضن الآمن والعهد والموثق الضامن للصمود والاستمرارية، في وقت أخذت فيه الصحافة الورقية تتراجع أمام تيار الوسائل والوسائط الإعلامية الحديثة الأخرى.
نعم لقد أنجزت (المجهر) عملاً عظيماً وأحرزت سبقاً واضحاً فخيماً برغم صغر عمرها وحداثة تجربتها بحساب السنين قياساً، ولكن– وأنت الأدرى– لم يكن القياس بحساب السنين قياساً دقيقاً ومنصفاً وإلا لحاز الآباء أنصبة البنين أو كما قال الشاعر:
رأيت العقل لم يكن انتهابا
ولم يقسم على قدر السنينا
ولو أن السنين تقسمته
حوى الآباء أنصبة البنينا
كما أن القول بصغر العمر وقلة الخبرة والتجربة لا يصلح حكماً على حظوظ المجتهد في نيل المجد وارتياد الذرى، وهذا ما أتمثله في شخصك الكريم المجتهد وأنا أتابع خطواتك من نجاح إلى نجاح بفضل الله وكأنك المعني بقول “البحتري”:
لا تنظرن إلى العباس من صغر
في السن وانظر إلى المجد الذي شادا
إن النجوم نجوم الأفق أصغرها
في العين أبعدها في الجو إصعادا
ولعل أجمل ما قيل في هذا المعنى والسياق مما يماثل ويشابه حالك و(المجهر) هو قول “الفضل بن جعفر” الذي ذاع وشاع لما فيه من حكمة ولطافة وحسن تعليل حيث يقول:
فإن خلفته السن فالعقل بالغ
به رتبة الكهل المؤهل للمجد
فقد كان يحيى أوتي الحكم قبله
صبياً وعيسى كلم الناس في المهد
أخي الأستاذ الجليل:
دعني أتجاوز نظم الشعراء ونثر الأدباء لأحدثك في أمر، بل همّ ظل يشغلني ويقلقني ويقاسمني وقتي صحواً ومناماً، ذلك هو همّ الوطن العظيم ودور الإعلام بكل ضروبه ووسائله في درء ما يحدق بنا من عواصف هوجاء ونذر أزمات سوداء، هل نظل هكذا نعرض خارج الحلبة، وأعني حلبة الحال المائل والواقع الماثل، ونكتب عمداً (خارج النص)؟ أم ترى أن تساهلنا وتشاغلنا هذا (فوق رأي)؟ وكم أخشى يا صديقي أن يستفحل أمر سلبيتنا وغفلتنا عن مواجهة هذه التحديات حتى يصبح ما بيننا وبين آمالنا وطموحنا وحقوق أجيالنا القادمة (بعد ومسافة)، ويومها لن يرحمنا التاريخ ولن تعذرنا الأجيال بل ستلعننا.. نعم أخي، إنه (مجرد سؤال) أطرحه (بكل الوضوح) وأتمنى أن يشغلكم كما يشغلني ويشغل السواد الأعظم من بني وطني، وليت (المجهر) تضع هذا الأمر على طاول (الفحص المجهري) حتى يسهل التشخيص ويُعرف الداء ويصرف الدواء ويكتمل الشفاء، شفاء وطن مزقته الحروب وأضعفته الأزمات.
ثم من بعد سلام عليك
والسلام على من اتبع الهدى
أخوك
طه علي البشير
مايو 2016