تحقيق العدل!!
قالت وزارة العدل إنها ستحقق في ما ورد عن تجاوزات لمنسوبيها في تقرير ديوان الحسبة والمظالم الذي تعلوا قراراته وتقاريره على سلطة النائب العام ووزير العدل ولا سلطة للوزير على الديوان الذي يتبع مباشرة لرئيس الجمهورية.. وكان حرياً بوزير العدل الانتظار والصبر حتى يقول البرلمان كلمته في التقرير الخطير الذي أعده ديوان الحسبة.. ويصدر الرئيس قراره بإحالة ملف التجاوزات للسلطة القضائية التي تشكل محكمة خاصة.. أو تذهب بالتقرير لمحكمة المال العام.. ولكن السيد وزير العدل (استبق) كل ذلك وشكل لجنة وترك بقية ما ورد في التقرير!!.. لماذا السيد وزير العدل حريص فقط على منسوبي وزارته؟؟.. هل إذا ثبتت براءة العاملين في وزارة العدل يعني ذلك أن ديوان الحسبة والمظالم قد أخطأ التقدير وبالتالي تعلو قرارات لجنة التحقيق التي يرأسها مولانا “بابكر قشي”.. على تقارير ديوان الحسبة.. لا يختلف اثنان حول كفاءة المستشار “بابكر قشي” الذي يمثل شامة وضيئة في جبين وزارة العدل.. لذلك يمثل المستشار “قشي” جمل الشيل بوزارة العدل.. أثقل كاهله بلجان التحقيق من قضايا الأراضي إلى قضية الأقطان وقضية الرسوم غير القانونية.. والآن وضع على كاهله مهمة التحقيق مع زملاء له في وزارة العدل (لحقهم رأس السوط) في تقرير مولانا “أحمد أبو زيد”.. ووزير العدل د.”عوض الحسن النور” الذي جاء تعيينه خلفاً لمولانا “دوسة” اعتبره المراقبون من وزراء العدل الناجحين جداً في عهد الإنقاذ.. ولكن الرجل جاء ووجد نفسه أمام انقسامات حادة في الوزارة بين تيار كان معارضاً للوزير السابق ومهمشاً ومبعداً من المواقع التنفيذية العامة.. وركب الوزير مع هؤلاء.. واتخذ قرارات أبعدت كل من كان قريباً من “دوسة”.. وبذلك أصبح الآن جزءاً من الصراع القديم المتجدد وحتى مولانا “أحمد أبو زيد” الذي كان قريباً من الوزير الجديد د.”عوض الحسن النور” تم إبعاده من منصب وزير الدولة بصورة مفاجئة ومباغتة ليعين في منصب أرفع من منصب وزير الدولة.. لكن بعض المتنفذين في الوزارة ممن (مسهم) تقرير الحسبة كان ردة فعلهم مباغتة لمولانا “أبو زيد” ومربكة جداً بحديثهم عن سيارات الوزارة التي تحت تصرف مولانا “أبو زيد”.. كانت هذه السيارات ليست سيارات حكومية.. وهل قصد بالتصريح (ابتزاز القاضي أبو زيد) وتخويفه وإرهابه بأن له ملفات يمكن فتحها؟!
لو توصلت لجنة التحقيق التي لا شك أنها تضم كفاءات نظيفة وشخصيات عرفت بالاستقامة.. لبراءة منسوبي وزارة العدل من تهمة التجاوز وفي ذات الوقت أمر الرئيس “البشير” بإحالة كل الملف الذي أعده ديوان الحسبة والمظالم للقضاء ليقول كلمته فيه.. هل براءة وزارة العدل لمنسوبيها من خلال لجنة التحقيق التي شكلها الوزير تعني أن يتم فصل ملف وزارة العدل عن بقية ملفات الوزارات الأخرى؟.. وهل هذا التميز لصالح العدل في بلادنا.. أم خصماً عليه؟؟
مشكلة لجان التحقيق التي يتم تكوينها منذ قديم الزمان تعني أولاً قتل القضية (وذبح القطة) وتنفيس الرأي العام بأقل مجهود.. ووزير العدل د.”عوض حسن النور” منذ تعيينه قبل عام شكل لجان تحقيق بعدد الحصى.. هل يستطيع اليوم الوقوف أمام البرلمان مثلاً حتى في جلسة مغلقة ويقول (هذا حصاد لجان التحقيق منذ عام وحتى اليوم)؟؟.. أم هي حرث في بحر عميق من المشكلات وقد بات وزير العدل في لجة وخضم تلك الأمواج التي تداعب شاطئ العدالة في بلادنا.