لا لـ(قبلنة) الرياضة!!
{ أفسدت القبلية السياسة، و(فرّخت) أزمات يئن تحت وطأتها الوطن، وتمزقت دارفور (لزرقة وعرب) حينما نشر المثقفون وأنصاف المتعلمين غسيلهم في أرضها وتبضع الساسة من أسواق القبائل.. وانقسمت الحركة الإسلامية بعد الرابع من رمضان، واستثمر البعض الانقسام ووظفوه من انقسام سياسي ونزاع حول السلطة إلى انقسام جهوي بين ما يسمى بـ(أولاد الغرب وأولاد البحر)، حتى دبت العافية أخيراً في جسد البلاد وأخذت في التعافي مع (ايدز) القبلية والعنصرية خاصة، ومناخ انفصال الجنوب من إيجابياته على قلتها أنه قد وحّد مشاعر أهل السودان.
{ النيران العنصرية التي تسللت للساحة السياسية، وكادت أن تفسدها، نراها اليوم تطل في الساحة الرياضية عن جهل من بعض الكُتاب والصحافيين وهم يمجدون فريق الأهلي شندي الذي (فات الكبار والقدرو)، وصعد من (الليق) إلى الدوري الممتاز وارتقى لمنافسة الهلال والمريخ، وفي أول مشاركة خارجية بلغ دوري النهائية للبطولة الأفريقية الثانية بعد الإبطال، وأهلي شندي أو فهود الشمال أو أولاد نهر النيل، كلها أسماء وأوصاف يستحقها أولاد شندي تمجيداً للجغرافيا والمدينة والسودان.. ولكن بعض (جهلاء) الوسط الإعلامي في غمرة حماستهم وغفلتهم، أطلقوا على الفريق المنتصر صفة (نمور الجعليين) وفرسان (دار جعل)، وأضفوا صفة قبلية على نادٍ قومي التكوين صنع مجده مال صلاح إدريس وحده بعد أن (أزاحه) الأمين البرير من رئاسة نادي الهلال، فأنفق صلاح إدريس على أهلي شندي إنفاق أثرياء الرياضة الجدد، مثله وجمال الوالي الذي أطل فجأة إلى دنيا المال وملأ الدنيا وشغل الناس.
{ وفريق أهلي شندي لا يمثل الجعليين ولا يمكن اعتبار انتصاراته هي انتصارات للجعليين، وإلا لماذا يحرز الغانيون والماليون والغينيون والنيجيريون الأهداف في شباك أبناء جلدتهم؟ جاء محترفو أهلي شندي من نيجيريا وغينيا، والكاميرون ومالي والسنغال من أجل المال فقط، ولا شيء غيره، وسجل أهلي شندي أولاد الجزيرة والخرطوم وأولاد كردفان بجبالها ورمالها، وجعل من هؤلاء نادياً وفريقاً لكرة قدم يمثل شندي المدينة، ونهر النيل الولاية، والسودان الدولة، وليس الجعليين القبيلة!
{ الرياضة نصر وهزيمة وتعادل.. فهل يتقبل الجعليون الهزيمة مثل الانتصار؟ النيران العنصرية ستلتهم فريق الأهلي وتقضي عليه قبل أن يقطف ثمار جهد صلاح إدريس وماله الذي أنفقه من أجل مدينته. ليت كل رجال الأعمال يتجهون للاستثمار في الرياضة بمناطقهم، ليرعى أولاد بشير النفيدي الدكة كريمة، ويتولى عادل بكش رعاية مريخ الأبيض، ويصرف صديق ودعة على هلال الفاشر، وهباني على النيل القطينة، وباعبود على حي العرب بورتسودان.. ولكن لا لـ(قبلنة) الرياضة وحشرها في الأنفاق المظلمة!!