أخبار

صناعة المراكيب .. (كرمشة) الإنتاج ببلوغ سن الشيخوخة..!

ظل يفرك بين يديه جلداً مهترئاً يكاد يتلاشى من فرط هزاله وثقوبه الكثيرة التي (انثقب) بعضها بفعل مدية الجزار، والآخر بعوامل أخرى أهمها فعل (الفرك). ورغم اندماجه في عمله ظل “آدم بخيت” يحكى لـ (المجهر) بشيء من الشجن والحنين عن أيام غابرة شهدت تطور وازدهار صناعة المراكيب، وهو يبدي الكثير من الأسى والحسرة على أفول نجم مهنته ومصدر رزقه.
{ دخلاء المهنة
لم يتوقف “آدم بخيت” وزملاؤه عن العمل الذي جُبلوا عليه حتى الآن، ولكنه ظل يحكي عن سنوات وصفها بالأنضر في حياته الحرفية، حينها كان نجم صناعة المراكيب يضيء سماء صناعة الأحذية في السودان، فيقول: في السابق كانت لها مكانة كبيرة داخل السودان وخارجه، وكانت تُصدّر إلى دول كثيرة أهمها المملكة العربية السعودية وليبيا، فكان التصدير حافزاً يجعل صانعيها يجودونها ويبدعون في صناعتها، أما الآن فأصبحت هذه الصناعة تفتقر إلى الخيال والإبداع، لأن هنالك من امتهنها بصورة مستعجلة (عشان ياكلوا بيها عيش ساي)، لا يهمهم التجويد ولا سمعة المهنة، ودائماً ما يقللون من المواد التي تستخدم في صناعتها، مثل (النوكرين) الذي يوجد منه أكثر من ثلاثة أنواع، (ويغشّوا في اللستك برضو، يعملوا حشوة بدل اللستك الجديد).
} الأحذية الجاهزة تقضي على (القَطِع)
يواصل صانع المراكيب “آدم بخيت” قائلاً: سبب آخر أدى لتدني وانحسار مكانة المراكيب التي كانت ملء السمع والبصر داخل وخارج السودان، وهو انتشار الأحذية الجاهزة بكثافة، ما أدى إلى انحسار الطلب على المراكيب، حتى أصبح الإقبال عليها لا يتعدى مناطق محدّدة تأتي ولايتا كردفان ودارفور في مقدمتها.
} جلد الكديس.. ألبسو ما تقيس!!
وعن أنواع المراكيب يقول “أحمد علي” الذي يعمل في صناعة المراكيب بسوق أبو زيد: منها مركوب النمر، الفهد، الكديس، البعشوم، الورل والثعبان، وأضاف: يعدّ مركوب جلد النمر الأغلى والأجود، وقد يصل سعره إلى (750) جنيهاً في بعض الأحيان، بجانب الكديس والفهد والبعشوم.
وعن أسباب ارتفاع سعر مركوبي النمر والكديس، قال “أحمد”: (جلد الكديس الصغير الشايفو دا كان قبضوه عندك بتدفع (1000) جنيه غرامة زيو وزي جلد النمر).
} متين تتحقق الأحلام..!
إلى ذلك قال “محمد أبكر” صانع مراكيب بسوق ليبيا إنه ظل يحلم بتطور أدوات صناعة المراكيب بما يسهل عليهم عملهم، وأضاف: التكنولوجيا دخلت في كل شيء إلاّ في صناعة المراكيب التي ما زالت تستخدم الأدوات التقليدية مثل: (المقص، السكين، الفصال، الزردية، القراش، الإبرة وحجر الزاوية). وتمنى “أبكر” دخول الماكينات الحديثة في عملهم، حتى يتمكنوا من إنتاجه أضعافاً وفي زمن قياسي.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية