أخبار

خيبة متربصين

*ما أكثر المتربصين بالعلاقة بين المؤتمر الشعبي والحكومة.. وما أقل الحادبين على وحدة الإسلاميين في معسكري السلطة والمعارضة.. وما وجلت المعارضة المسلحة وتعالت ضربات قلبها أكثر من لحظة إعلان الشعبي دعم الحوار الوطني.. وما أبشع عندهم – أي المعارضين – من صورة الرئيس “البشير” والراحل “د. حسن الترابي” في (جمعة) الوداع الأخير بمسجد القوات المسلحة.. الذي جمعهما لأول مرة.. وجمعهما لآخر مرة.. وبعد أن دفن الإسلاميين شيخهم في (مقابر بري).. بحثوا عن شخصية أخرى تملك القدرة على صناعة الحدث في أيام المحنة والدموع.. كان الرئيس في مهمة بـ”اندونيسيا” لن تتأجل ولا تتأخر.. وكان هناك في الأجواء “د. علي الحاج محمد” عائداً بعد سبعة عشر عاماً من الزمان هي عمر الراحل “جعفر نميري” في السلطة.. لم يحتمل سياسي سوداني غربة طويلة وشاقة ومؤلمة مثل احتمال “د. علي الحاج” لسبعة عشر عاماً من الزمان.. وحينما قرر العودة الطوعية.. تمددت التوقعات ماذا يقول (القصير المكير) في أول ظهور له في المنابر الداخلية!! بعض الناس يتمنون تمزيق “د. علي الحاج” لخيوط التلاقي ودق مسمار جديد في قلب الحوار الوطني وتقارب رفقاء الأمس فرقاء اليوم!! أكثر من توقعات هنا.. تقول إن “د. الحاج” هو خليفة الشيخ، وهناك نقول إن المرارات التي في القلب تعصمه من المضي في درب دعم الحوار الوطني والسير في ركب خط خيوطه الراحل “الترابي” منذ عام ويزيد.
“د. علي الحاج” في خطابه الأول خرج للشعب السوداني برؤية تعزز الوحدة وتنسج موانع للعودة للاقتتال والعراك والدموع، دعا “د. الحاج” الحكومة والمعارضين والحركات المسلحة لأهمية الحوار ورمي الماضي خلف ظهورهم، وقطع “د. الحاج” بأن خير السودان لا يأتي إليه من الخارج.
*لكن هل “علي الحاج” العائد اليوم من رحلة غياب قهري طويلة هو ذات طبيب (النساء والتوليد) الذي غادر المشافي وارتداء (الأبرول) الأبيض وامتهن السياسة منذ سبعينيات القرن الماضي حتى غادر البلاد في زمنٍ وصلت فيه إلى السلطة حركته التي سهر من أجلها الليالي؟؟ ما الذي تغير في “د. الحاج”؟؟ وهل التغييرات التي حدثت في شخصيته وقناعاته ومنهجه في التفكير تجعله قريباً من قادة السودان الآن في الحكم والمعارضة أم بعيداً عنهم؟؟ في سنوات الغربة واللجوء السياسي في دولة مثل “ألمانيا” اتحادية لم يهدر “علي الحاج الوقت” في (تزجية) الفراغ بـ(الواتساب) ولا الجلوس في المقاهي واحتساء القهوة التركية.. و(النبيذ) و(الفودكا) مثل ما يجلس “عبد الواحد محمد نور” في مقاهي (لازراسون) في قلب “باريس”.. “د. علي الحاج” تغيرت نظرته لأشياء عديدة.. أصبح أكثر إيماناً بقيم الديمقراطية وحق الإنسان في التعبير الحر دون قيود.. وقرأ “د. علي الحاج” فلسفات “هيجل” ولغة الإمام الشاطبي الأصولية.. وما هو عملي وتجريدي في الفكر الغربي، وله الآن تحليلات موضوعية لواقع الحركات الإسلامية في العالم.. عطفاً على حفظه للقرآن بقراءات عديدة.. وجمعه لكتب التراث القديم.. وأعاد النظر في ما يطلق عليه ثوابت وفروع.. وتأثر “علي الحاج” جداً بالغرب الذي يعلي من قيمة الإنسان ويصون حقه في التعبير والتنظيم، ولا يخفي “د. علي الحاج” لمجالسه في بلاد الغربة قناعاته الجديدة بالشفافية ونبذ العنصرية الكامنة في المجتمع من فكر “روجيه جارودي” ومنهج الإمام “حسن البنا” العملي وبعيداً عن أصولية “سيد قطب” التي تبني الحواجز وتقيم الفواصل بيني أنت وأنا.. ولذلك يبدو “علي الحاج” في ثيابه الحالية بعيد جداً عن السياسيين السودانيين في المعارضة والحكم لا يليق بهم ولا يليقون به في طرائق التفكير ومنهج الرؤية لحالة الوطن.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية