مفكرة متقاعد
} حليلك (قبيل وكت الحكم بالليد).. فيك اللاندكروزر الصهباء والبيضاء والسوداء أم ضمير.. تقطع المسافات البعيدة وتطوي الأرض، تنبعث من أحشائها الريح الباردة المعطرة، والسائق الماهر الذي لا يغمض له جفن من المساء حتى الساعات الأولى من الصباح.
} حليل السكرتيرة (بقدلتها) وابتسامتها الساحرة، ورقتها وأدبها وصرامة وجهها وتقطيب جبينها وقدرتها على طرد الفضوليين والعطالة مثل حالتي الآن.. كانت تتفقدني وأنا غارق في قراءة التقارير وأسرار الحكم وتوصيات اللجان ومقترحات تطوير القرى.. تضع كوب الشاي أمامي في أدب واحترام، وتنصرف عني بعيداً وقبل إغلاق باب المكتب ترمقني بنظرة.. وتلتقي عيناها عيني حتى فكرت في الارتباط بها علناً وجهراً لولا (مقطوعة الطاري) التي حاصرتني حتى انصرفت عن الفكرة، وليتني تزوجتها، على الأقل، كان راتبها على قلته سيساهم معنا في فاتورة الخبز واللبن وإيجار المنزل.. ولكن هل أترك زوجتي لخدمة رجل غيري؟
} كان المال ينساب تحت يدي.. مال الأمن.. دعم الشرطة.. الدعم الاجتماعي.. نثرية المكتب.. وعقود التنمية التي وقعت.. وهدايا الشركات التي تقدمها في الغالب بعد حلول الظلام.. أين ذهبت ملايين الجنيهات؟ وأين الجماعة الذين كانوا (يعزفون) للوالي الألحان الشجية (ويطربونه) بالأغاني وتمجيد فترته؟.. انصرف عثمان عني بعد إعفائي، وقد شاهده الناس يوم الجمعة الماضي يحمل (الإبريق) ويتولى صب الماء على يدي الوالي الجديد وفي يده اليمنى صابونة.. كيف أصبح حسب الله، الذي كنت أحسبه من الأصفياء الأنقياء المخلصين من المقربين للوالي الجديد.. يهتف في اللقاءات الجماهيرية ويقول (يحيا البطل عاش البطل)؟ أي بطل يهتف له حسب الله؟ (البطل) الذي صدق له بعشرة آلاف جنيه يوم زواج ابنته، وصعد به لأرقى مراتب الحزب ومنحه قطعة أرض وخصص له سيارة بوكس؟ ليتني ادخرت ذلك لنفسي وعشيرتي، وكثير من زملائي السابقين هم الآن في رغد العيش يرفلون.. بعضهم تمت إعادة تعينه والياً وآخرون أصبحوا وزراء دولة في الحكومة الاتحادية.. ليتني كنت من المحظوظين وعينت وزير دولة أو مستشاراً لوزير في الحكومة الاتحادية للاستفادة من خبراتي.. (فيها شنو لو الواحد اشتغل والي ومحافظ ورجع تاني لوزير ولائي أو أمين عام حكومة.. فكل شيء لله؟!).
} هل (الرئيس نساني خلاص).. ألا يتذكرني في بعض الحالات؟ الرئيس لن ينساني، كنت مخلصاً له ومؤدباً في حضرته، لم أعارض أي توجيه له، ولا أذكر طوال فترتي والياً، ومن قبل وزيراً ومعتمداً، أن رفعت صوتي فوق صوت الكبار.. أنا لم أبدد مال الدولة، ولم أمتلك ثروة في المصارف.. لازلت أسكن بالإيجار، وسيارتي تعطلت، وملابسي اهترأت، وأم الأولاد (حرقت قلبي) بكلمة (جدعوك)، أهملوك، إنت ما بتعرف صليحك من عدوك!! استغفر الله، والحمد لله، إنا لله وإنا ليه راجعون، فلأقم لصلاتي بعد أن أشرقت الشمس وأنا أغط في نوم عميق وأحلام مزعجة!!