معركة "زينب"
في الأسافير وعبر البيانات التي تصدر من “باريس” ومن “كمبالا” تدور علناً معركة بين رجلين أو الصحيح بين كيانين حول امرأة أو فتاة لست على يقين منها اسمها “زينب”، طرف يدعي أنها ممثل شرعي بكامل الأهلية لكائن إسفيري اسمه الجبهة الشعبية للتحرير والعدالة، أما الطرف الآخر فيقول إن “زينب” مفصولة ومطرودة من رحمته ولا تمثل الجبهة الشعبية. قصة تنازع وتطاحن وتنافس الرجلين في كيان الجبهة الشعبية ورئيسته “زينب” يعيد للذاكرة أيام الصبا، ونحن نتوق للمعرفة ونطوف بعالم الرواية والقصة وتأخذنا عوالم وحكايات الكاتب الإيطالي “البرتو مورافيا” ورائعته (ثلاثة رجال وامرأة واحدة)، وهي قصة واقعية عن حياة الريف في الجنوب الإيطالي الذي تمثله مدينة “نابولي، أفقر المدن الإيطالية.. وقيل والعهدة على الراوي، وما الراوي إلا الصحافي اللبناني ذائع الصيت “يوسف خازم” إن فريق “نابولي” الذي يمثل الجنوب الإيطالي الفقير، حينما نجح في تسجيل اللاعب الأرجنتيني الفذ “دييجو مارادونا” وأصبح فريق “نابولي” له صيت في الكالشيو، تنامت اقتصاديات “نابولي” وازدهرت التجارة والسياحة بفضل عبقرية أقدام “مارادونا”.
وقد كتب “البيرتو مورافيا” قصة ممعنة في الجنس والغزل بعنوان (امرأة من روما)، والرجال الذين يصطرعون حول “زينب” هم قادة ما كان يعرف بالجبهة الثورية قبل أن تتمزق ويذهب ريحها.. وتتصدع لكائنين كلاهما (ميت). فقد صدر بيان من الرجل الأول د.”جبريل إبراهيم” يوم (السبت) الماضي من “باريس”، يقول فيه إن “زينب عيسى كباشي” ما عادت تمثل الجبهة الشعبية، وتم الاستغناء عن خدماتها من قبل قيادة وقواعد حركتها، وبالتالي لا وجود لها الآن في (الجبهة) الثورية التي يرأسها د.”جبريل إبراهيم”. وقبل أن يجف مداد حبر بيان “جبريل إبراهيم” أصدر الرجل الآخر “مالك عقار أير” رئيس الجبهة الثورية بياناً يقول فيه، إن “زينب كباشي” (قاعدة) في قيادة الجبهة الثورية ولم تنعقد أي اجتماعات لفصلها من منصبها، وهي الممثل الوحيد والشرعي للجبهة الشعبية، وبذلك أصبحت “زينب كباشي عيسى” أو الجبهة الشعبية التي ترأسها محل نزاع و(مجابدة) بين “مالك عقار” رئيس الجبهة الثورية فرع الحركة الشعبية ود.”جبريل إبراهيم” رئيس الجبهة الثورية فرع العدل والمساواة.. أما د.”زينب كباشي عيسى” التي شاء حظها السعيد أو العاثر أن يرمي بها بين فكين (يتخاطفان) عظماً بلا لحم فهي مناضلة في المنافي.. التقيتها لأول مرة في “أديس أبابا” قبل شهر بمقر التفاوض، وعرفتني بنفسها بأنها رئيسة الجبهة الشعبية المعارضة.. فقلت لها لأول مرة أسمع بهذا الكيان المعارض.. وقدمت لها الاعتذار بأني جاهل ببعض مكونات المعارضة الخارجية، ولكنها غضبت جداً.. وحاول نائبها “بيرق” أن يخفف عنها وطأة عدم معرفتي بمناضلة في مقامها، وقلت لها يا دكتورة أنا أعرف والدك “كباشي عيسى” من الأقطاب الرياضيين ببورتسودان وسياسي معروف وأسرتك (ماها هوينة)، ولكن صدقيني لم أسمع بالجبهة الشعبية من قبل، ولم أقرأ لها بياناً في وسائل الإعلام.. وسعى الأخ “محمد حامد جمعة” لتلطيف الجو، وقال لها يا دكتورة الزول من جبال النوبة (ما عارف حاجة ساكت)، فقالت جبال النوبة فيها ناس كويسين!!
المهم جلست المناضلة طويلاً مع رئيس الوفد الحكومي المهندس “إبراهيم محمود حامد” وكذلك د.”أحمد آدم” مفوض العون الإنساني وهو مثقف واقعي، ولكن فجأة أصبحت د.”زينب كباشي عيسى” محل نزاع بين “جبريل” و”عقار” واحد يدعي أنها الممثل الشرعي للجبهة الشعبية، وآخر يدعي فصلها و(رفدها).. ولكن النزاع ليس في جبهة “زينب كباشي” ولا أهميتها للمعارضة ولكن النزاع حول شيء (ميت) اسمه الجبهة الثورية تجمع أهله في ظروف تاريخية.. معلومة.. والآن انفضوا كل ذهب إلى سبيله وبقيت الذكرى التي يجترها بعض قادة الجبهة الثورية لأيام مضت ولن تعود!! فقد انكسرت قارورة العطر وتفرق الشمل.