النائب الأول يوجه الجهات المختصة بمراجعة التقاطعات القانونية الخاصة بالأراضي
في ملتقى الولاة الثاني لمناقشة قضايا الاستثمار
الخرطوم : سيف جامع
يواجه الاستثمار بالبلاد بعقبات عدة، من بينها استخدامات الأراضي والتشريعات والتقاطعات بين المركز والولايات، وبالرغم من التسهيلات الكبيرة التي أقرتها الدولة في إطار خطتها لتشجيع الاستثمار الأجنبي والمحلي إلا أن هنالك بعض التحديات ما زالت قائمة، الأمر الذي يحتاج إلى بذل كثير من الجهود لجذب الاستثمارات الأجنبية للبلاد، خاصة بعد أن أصبح “السودان” يحتل المركز الأول عربياً جذباً للاستثمارات بحسب تقرير المنظمة العربية للاستثمار خلال العام الماضي (2014) بواقع (850) مليون دولار بحيث تقدم تصنيف “السودان” حسب التقرير من المركز الرابع إلى المركز الأول.
واتساقاً مع اتجاه الدولة نحو تحسين بيئة الاستثمار، وجه النائب الأول لرئيس الجمهورية الفريق أول ركن “بكري حسن صالح” بتشكيل لجنة لدراسة التقاطعات القانونية الخاصة بالأراضي برئاسة وزير الحكم اللامركزي، ودعا لدى مخاطبته أمس (الاثنين) ملتقى ولاة الولايات ومسؤولي الاستثمار الثاني للتشاور حول قضايا الاستثمار، إلى إحكام التنسيق بين المركز والولايات لمنع التداخلات والتقاطعات وفقاً لسياسات كلية بالقانون والدستور، وقال: “البلاد تعاني من المشكلات الاقتصادية خاصة بعد خروج البترول”.
واعتبر النائب الأول موقف المؤسسات الدولية من البلاد موقفاً سياسياً، وشدد على ضرورة تبسيط الإجراءات ومراقبة عمليات الفساد في العمليات الاستثمارية، وأضاف (كل ما بسّطنا الإجراءات كل ما قل الفساد)، مؤكداً استعداد الدولة لحلحلة إشكاليات البنوك لبعض الولايات وزيادة موارد التمويل الأصغر، كما وجه بتحديد سقف زمني للمستثمر وفق ضوابط محددة لتقسيم الأرض، وطالب الفريق أول ركن “بكري” بعدم التدخل في حقوق الولايات قائلاً (ما في زول يتعدى عليها)، وحول تجارة الحدود قال: “الحديث عن تجارة الحدود لديها معايير أمنية، مشيراً إلى أن التجارة مع دولة الجنوب محفوفة بالمشاكل”.
وأكد النائب الأول لرئيس الجمهورية على أهمية منح الولايات حقها كاملاً في المشاريع الاستثمارية، وقال “ما في تغول على حقوق الولايات في مشاريع الاستثمار” ولكن الحاكمية في النهائية للدستور والقانون، ووجه بمراجعة المنشور الوزاري الخاص بالأراضي الاستثمارية، وشدد النائب الأول على أهمية تبسيط الإجراءات للمستثمرين وقال رداً على مداخلة والي شرق “دارفور”، “خليل عبد الله” بوجود فساد مصاحب يقوم به سماسرة أثناء إجراءات تسجيل المشاريع الاستثمارية الأجنبية، قال مفروض الجماعة ديل يراقبوهم قبل أن يقول مستدركاً، لكن هذا الأمر مقدور عليه، مطالباً في الوقت ذاته بإنفاذ القانون فيما يخص بنزع الأراضي الاستثمارية غير المستغلة.
وفي الأثناء شكا عدد من ولاة الولايات من وجود مادة في منشور مجلس الوزراء رقم (21) للعام (2015) تعطي المركز ميزات كبيرة في الأراضي على حساب الولايات، ووصف والي الجزيرة “محمد طاهر إيلا” مادة الأراضي في منشور مجلس الوزراء بالمعوق الحقيقي للاستثمار.
من جانبه قال والي “الخرطوم” إن القرار يهزم فكرة الاستثمار باعتبار أن الولايات هي المقصود الأول بالمشاريع الاستثمارية.
وأعلن وزير الاستثمار “مدثر عبد الغني” عن عزمهم مراجعة قانون الاستثمار ليتواكب مع التعديلات الدستورية التي أعلنها رئيس الجمهورية مؤخراً، وقال لم نتغول على حقوق الولايات، وكشف “عبد الغني” عن وجود (10) ملايين فدان من الأراضي الاستثمارية المستغل (800) ألف فدان فقط.
وزير الاستثمار “مدثر عبد الغني” كان قد كشف قبل يوم من انعقاد الملتقى عن عودة “السودان” لاحتلال موقع الريادة في تصنيف أكثر الدول العربية جذباً للاستثمار حسب تقرير المنظمة العربية للاستثمار خلال العام الماضي (2014) بواقع (850) مليون دولار مما يعكس واقع الاستثمار الإيجابي بالبلاد، حيث تقدم تصنيف “السودان” حسب التقرير من المركز الرابع إلى المركز الأول،
وفي ظل هذه المؤشرات الجيدة لواقع ومستقبل الاستثمار كشف الوزير عن طرح رؤية جديدة تكون بمثابة عهد جديد يتشكل خلال المرحلة القادمة لمواجهة التحديات والمتغيرات، وقال “نسعى لمزيد من الانفتاح مع العرب والأفارقة والدول الآسيوية، وما يدفعنا إلى ذلك الرغبة الصادقة في تنفيذ مبادرة رئيس الجمهورية المشير “عمر البشير” لتحقيق الأمن الغذائي العربي من “السودان”، ورأى الوزير أن تنفيذ هذا الأمر يتطلب مزيداً من التنسيق بين المركز والولايات لإزالة عقبات وتقاطعات الاستثمار خاصة في مجال الأراضي والتنسيق في الرسوم والجبايات والتي أصبحت واضحة بتنزيل قرارات رئيس الجمهورية في هذا الجانب إلى أرض الواقع، وربط الخارطة الاستثمارية القومية التي قطعت شوطاً كبيراً بخرائط الولايات، الأمر الذي يحدد بوضوح لرجال الأعمال الراغبين في العمل بـ”السودان” مناطق الزراعة ومشاريع الصناعة والمساحات، وأكد وزير الاستثمار على توحيد قنوات الترويج للاستثمار.
ويبدو أن “السودان” يخطو خطوات كبيرة نحو جذب الاستثمارات الأجنبية مستفيداً من تدهور الأوضاع السياسية والأمنية بالمنطقة غير كونه يمتلك مقومات طبيعية وموارد ضخمة في كافة القطاعات.
ويقول وزير الاستثمار “مدثر عبد الغني” إن حجم الاستثمار الأجنبي المباشر بـ”السودان” بلغ (42) مليار دولار، حيث تستحوذ الصين على المركز الأول بـ (15) مليار دولار تتركز معظمها في مجال النفط والتعدين تليها “السعودية” و”الكويت” و”قطر” و”الإمارات”، ومن ثم بقية الدول العربية حيث تبلغ جملة الاستثمارات في قطاع النفط والتعدين أكثر من (30) مليار دولار، أي ما يعادل (70%) من حجم الاستثمارات، فيما قفز القطاع الزراعي في جدول الاستثمارات إلى أكثر من (11) مليار دولار بما يمثل (29%) وبقية المبلغ يستحوذ عليه القطاع الصناعي والخدمي.
ويشير الوزير إلى أن الوضع الاقتصادي بالبلاد يشكل أكبر تحديات الاستثمار خاصة تقلبات سعر صرف الجنيه أمام العملات الحرة، إذ تؤثر على المستثمرين ورجال الأعمال وعلى نجاح التجربة الاستثمارية برمتها، وتوقع الوزير أن هذا الوضع يمكن أن يتحول إلى ميزة إيجابية بإقبال المستثمرين على الإنتاج من أجل الصادر، وبالتالي جذب مزيد من العملة الحرة للبلاد.
وكانت قد سرت أحاديث عن هروب استثمارات إلى الخارج لكن وزير الاستثمار نفى ذلك، لافتاً إلى أن وجود مستثمرين سودانيين بالخارج أمر طبيعي، مشيراً إلى أن في دولة الإمارات العربية أكثر من (45) ألف مستثمر سعودي، مؤكداً أنه ليس هنالك هروباً بالنسبة لرجال الأعمال الوطنيين للعمل بالخارج وهذا الأمر لا يشكك أبداً في وضع الاستثمار بالبلاد.
الاستثمار في الزراعة دون الطموحات رغم الإمكانات
صورة مخضرة رسمها وزير الاستثمار للقطاع الزراعي في المستقبل لكنه نبه إلى أن الاستثمار في الزراعة يحتاج لمزيد من الجهد في توفير البنيات التحتية من “مياه وكهرباء وطرق”، مؤكداً أن الدولة تدرك هذا الأمر جيداً، لذلك طبقت سياسة إعفاءات كاملة للقطاع الزراعي تصل لحد الإعفاءات “الصفرية” بهدف الوصول إلى زيادة مساهمة الزراعة في الناتج المحلي الإجمالي إلى (20%) في العام المقبل.