ناس عايشة وناس ….
حب السيطرة وإظهار النفوذ يخرج من ثنايانا قبل التحدث، وتحدث عنه لهجتنا، وتظهره أعيننا قبل السلام.. هذا الشعب الذي يمثل البسالة في أعلى مقاماتها، ويوحده الكرم وحب الوطن، تفرّقه الوظائف والسلطة.. فالدكتاتورية تجري في عروقنا مجرى الدم، كلٌ منّا يمارس سلطته كيفما شاء، والأمثلة كثيرة.. وهذا الجانب من سلبيات المجتمع تمت مناقشته من قبل في عدة أماكن، ولكن من يقول (البغلة في الإبريق). أما ما دعاني لطرق هذا الباب مرة أخرى، فهو موقف مرّ به فريق برنامج (مشوار قصيدة)، والذي سيتم بثه في شهر رمضان، إن شاء الله.. فكما كان محدداً لنا التصوير على (النيل) بـ(العبّارة)، حرصنا في سابق الأيام على جلب (التصاديق) لكل مكان تصوير، أو على الأقل حرصنا على استئذان أهل كل دار دخلناها. ولكنا لم نعلم أبداً أن للنيل (تصديق)!! (بحر الله دا) يعني الشارع ساي والبحر، ولكن أسعدني ذلكم الأسلوب الرائع الذي تعامل به رجال الشرطة قبل التصوير، بعد أن قاموا بإخطارنا بضرورة التصديق، وتم الإجراء لذلك، ولكن ما جعلني أستشيط غضباً هو شاب يرتدي الزي الملكي، ويعتلي (موتر) جاء بعد أن انتهت مراسم تصويرنا واتجهنا صوب البر.. فإذا به يثور في وجه المخرج، ما إن رأى الكاميرات (اسمع يا أبو الشباب أنا داير التصديق الجيت بيو المحلة دي سريع ولا أقول ليك حاجة أنا طالع وجاي راجع ألقى التصديق جاهز مفهوم). والما مفهوم (انو هو أصلاً قال كلام وده كلو بدون ما يدي زول فرصة إجابة أو سؤال)، واختار أن يمشي بيننا تماماً مثلما يفعل قائد العصابة أو البطل في (الفيلم الهندي) ولكن لا أدري إن كان دورنا نحن (أبطال) أم (مجرمين)!!
وأنا كعادتي (رفاعية) و(دمي حار والحقارة ماااا بتنفع معاي)؛ لذلك بدت الدهشة واضحة على معالمي حينها، وفقدت القدرة على النطق من هول الموقف، هذه الأخلاق لا تشبهنا البتة، وهذا الفعل الذي لا يصلح للتعبير عنه غير (الاستفزازي) لا يشبهنا إطلاقاً.
ولرجال الشرطة أدوارهم الراسخة في حفظ سلامة المواطنين، و(الشرطيون) (البرة حريصون على المواطن والتعامل معاو أكثر من حرصهم على مرتباتهم)، وأنا أعرف العديد من رجال الشرطة الذين تعد معرفتهم وحدها شرفاً عظيماً، ولكن حينما يخرج أحد أفراد المنزل للشارع، ويخطئ في حق أحد ما، دائماً ما يقال (دا ود منو؟).
لذلك، أرجو من كل فرد يمثل مؤسسة، أو إدارة، أو منزل حتى، أن يحسن التصرف فقط باسم ما يمثله.
ذكرني هذا الموضوع مسلسل يتم بثه في هذه الأيام عبر قناة (أبو ظبي)، ورغم إنني ضد سطوة المسلسلات التركية على أذهاننا، إلا أنه يستحق المشاهدة فقط من باب التعامل مع المرضى، وحسب.
(نبض الحياة) مسلسل تجري أحداثه كلها في مشفى، (ويا قول أهلنا المستشفى كان ملّحولك فيها تاكل)، وتعامل الأطباء يجعلك تتمنى المرض، ما أن وقف الإسعاف حتى جرى المستشفى كله بـ(مديره الطبي) و(تعال شوف هنا، الإسعاف يقيف، وأهل المروة يدخلو المريض، وطبيب امتياز القاعد واحد، ويا إما بتكلم في التلفون ولا بتونس في الفيسبوك، ولا شالتو نومه، وإلى حين ينتهي من مكالمتو، ولا يودع أصحابو “الفسباكة” ولا يصحى، الله يكون في عونا)!!