أخبار

المعاليا في الضعين!!

{ لو أن الحركة الإسلامية في مؤتمراتها التنشيطية الحالية لم تفعل أي شي سوى نجاحها في رتق جروح أكبر مجموعة سكانية في ولاية شرق دارفور (الرزيقات المعاليا) ووصل أرحامهم بعد قطيعة وجفاء ودماء ودموع وأحزان خيمت على سماء المنطقة لكفى الحركة الإسلامية نجاحاً وهي تعلن ميلادها الثاني هذه الأيام بعد ميلادها الأول في القرن الماضي.
نجحت الحركة الإسلامية في وصل ما انقطع من أرحام (الرزيقات والمعاليا) بأن حملت وفداً يمثل قيادات الحركة الإسلامية ولا نقول شيوخها لأن صفة شيخ لها ظلال رؤية توحي بأن الموصوف ممن تجاوز عمرهم ألـ(50) عاما ًوالحركة الإسلامية أكثر من (70%) من قادتها دون سن الخمسين.. حتى أمينها العام “الزبير أحمد الحسن” لم يبلغ السبعين بعد رغم تقلبه في المناصب التنفيذية من وزارة إلى أخرى حتى أحالته القيادة لكرسي الحركة الإسلامية كأمين عام يصنف ضمن تيار (العمليين) لا الجدليين والواقعيين لا الحالمين.. حمل الزبير بصبر وأناة وشجاعة منسوبي الحركة الإسلامية من مدن عديلة وأبو كارنكا وكليكلي أبو سلامة إلى مدينة الضعين عاصمة ولاية شرق دارفور والتي جعل منها النزاع وفتنة الصراع الطويل مدينة للرزيقات تدخلها كل قبائل السودان بما في ذلك النصارى واليهود واللا دينيين والإفرنج والزنوج والعرب ولا يدخلها المعاليا الذين بينهم والرزيقات أنساب وأرحام وتاريخ وأرض.. كل ذلك بسبب فتنة الدنيا وشيطان دارفور الذي هزم شيوخ الخلاوي والتقابات.. وحينما خاض الشيخ “الزبير أحمد الحسن” مع (الخائضين) في طرح المبادرات والوساطات لتجفيف الدموع وإيقاف نزيف الدم، تعثرت في بادئ الأمر مبادرته وسخر الساخرون منها .. حسبوها أضغاث أحلام لرجل حالم.. لكن صباح الجمعة الثلاثين من أكتوبر بزغت شمسه وقيادات الحركة الإسلامية من المعاليا يعانقون أهلهم الرزيقات الذين خرجوا لاستقبالهم بالدموع والآهات وكبرياء الرجال وعزمهم على قهر شيطان الفتنة. .وإذا كان المعاليا شجعاناً في اتخاذ قرار العودة لمدينتهم الضعين ودخولها سلماً فإن أبناء رزيق كانوا أشجع منهم في غسل النفوس بالعزائم وسمو الأخلاق خرجوا وقلوبهم بيضاء مثل ثيابهم يستقبلون المعاليا وهنا يحضر قول الشاعر..
إذا احتربت يوماً وسالت دماؤها
تذكرت القربى وفاضت دموعها
دخول المعاليا الضعين هي صفحة جديدة لطي النزاع وليت المؤتمر الوطني يتبع الخطوة بأخرى ويقود “إبراهيم محمود حامد” مجموعة من حزب المؤتمر الوطني من الضعين إلى عديلة ليثبت للناس إن المؤتمر الوطني يعضد ويساند ويدعم خطى الإصلاح بين الناس التي تقودها الحركة الإسلامية.. وإذا لم تتصالح مكونات الحركة الإسلامية في ولاية مثل شرق دارفور فكيف لها أن تدعي أهلية قيادة وإصلاح كل المجتمع؟؟ وقد صوبنا النقد مراراً لسلوك المؤتمر الوطني في مناطق النزاعات .. حينما يصبح الحزب الرائد والرسالي يحمل بعض قادته ومنسوبيه حطب الفتنة لزرع الشقاقات والانتصار للذات!!
{ ما بلغته الحركة الإسلامية من نجاح واختراق كبير لجدار الفتنة العازل بين الرزيقات والمعاليا جاء كثمرة لجهود مخلصة بدأت من حكومة “أنس عمر” .. التي فتحت أبواب الحوار المجتمعي. .ونهضت الأستاذة “أميرة الفاضل” ومركز دراسات المجتمع الذي تقوده ببصيرة وخبرة سنوات في الجهاز التنفيذي لم تهدرها “أميرة” إلا فيما ينفع، وقد نسج مركز دراسات المجتمع في هدوء وصمت وبعيداً عن الأضواء إعادة لحمة العلاقة بين القبيلتين.. ثم جاءت مبادرة وزارة الرعاية الاجتماعية.. ومن حق (بنات الحركة الإسلامية) الفخر بالإسهام في إطفاء حريق شرق دارفور.. لتقهر عزيمة الشيخ “الزبير” في جمعة نصر الضعين شيطان الفتنة وتعود للنفوس طمأنتها وتفتح أبواب تسوية نهائية لنزاع تطاول وفتنة كادت أن تذهب بآلاف الأرواح من أجل لا شي.
شكراً لقادة الرزيقات والمعاليا الذين عبروا حاجز العزلة واثبتوا شجاعة فائقة في الانتصار على شح النفس وعصبية القبلية.. وشكراً للحركة الإسلامية التي عادت هذه الأيام إلى قواعدها ،وليتها تعود لبناء نفسها برؤية وفقه يتجاوز الانقسامات التي أصبحت من الماضي، وانفتحت مرة أخرى على التيارات الإسلامية الأخرى وجمعتها ووحدتها كما وحدت بين المعاليا والرزيقات.. شكراً لـ”أنس عمر” الذي انتصر لجيل الشباب القادم لقيادة الدولة السودانية وإن تشبث الشيوخ بكراسي السلطة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية