الطائر المريض
{ في آخر رحلة لمدينة الفاشر قبل أسبوعين .. أقامت شركة سودانير احتفالية لبعض الصحافيين، ومنحتهم سيوفاً من الحديد، وعصواتٍ أبنوسية، وخطب أحد نواب شركة سودانير؛ وهو ضابط سابق بالقوات النظامية مطالباً الصحافيين للوقوف مع (الناقل الوطني) ودعمه بما يستحق، وهو يواجه حقبة عصيبة مقبل الأيام. سيوف وعصوات سودانير التي كرمت بها بعض الصحافيين لشيء في نفسها؛ لن تحارب نيابة عن الشركة، وقد تبدت علامات الهرم الكبرى والصغرى، و(شاخت) سودانير وهي في (عز الشباب)، وفي الأنباء توقف رحلاتها الخارجية، وسحب إحدى الشركات العربية لطائرة استأجرتها سودانير؛ التي لا تحسن حتى تقديم الهدايا لمن تحبه من سويداء قلبها، فالصحافيون تهدى إليهم الأوراق والكتب والمعلومات والأقلام، لا السيوف والعصي، كما فعلت سودانير في الفاشر، ولم يتذكرها واحتفاليتها؛ قلم واحد يتأبط سيف الشركة التي تسمي نفسها بالناقل الوطني؛ حتى حينما كانت تسيطر على الشركة مجموعة عارف (الكويتية)، بينما في السودان شركات طيران وطنية؛ لكنها (قطاع خاص) لم تتعرض لخسائر وفضائح مثل سودانير، لأنها شركات توظف حسب الحاجة ولا تعين جيوشاً جرارة من الموظفين والموظفات مثل سودانير؛ التي تشكو قلة المال والدعم الحكومي، وتنفق على إدارتها العليا إنفاق الأثرياء، وتذهب كل عائدات الشركة مرتبات للجيوش التي (ترابط) في حظائر الشركة.. تأكل من ثمرات الدولة وتعيش في ظل وزارة المالية وسوادنير منطقة (مغلقة) لأهل الحظوة والجاه والسلطان، لا يقربها إلا من تجمعه بالقيادات العليا صلة نسب أو قبيلة أو معرفة؛ لذلك هبط الطائر للأرض وتكسرت جناحاه، وبات ينعق كالبوم في فصل الشتاء.
{ سودانير بواقعها الحالي تسيء لاسم السودان؛ ولا تضيف إليه بعد أن ارتبط اسمها بالفوضى، وسوء الخدمات، وأنواع الطائرات (القديمة) التي تعاني من التهالك، حتى اضطرت بعض البلدان حظر هبوطها في بعض المطارات، وتم بيع بعض الخطوط في رابعة النهار، ولم يتبق غير إعلان موت الشركة نهائياً، ولا يضير السودان شيئاً أو ينتقص من هيبته إذا تخلص من أعباء سودانير؛ بحل الشركة وبيع أصولها وإغلاق ملفها للأبد، وبلدان عديدة في العالم لا تملك شركات باسمها، وإن وجدت فليس بالضرورة أن ترتبط بالدولة، وتعيش في كنفها وتحت إبطيها، ودولة مثل ايطاليا لا تباهي بطيرانها ولا الكويت أو سلطة عمان وإيران تضع اعتباراً لاقتران اسمها بإحدى شركات الطيران.
{ إلغاء سودانير وحلها، وتسريح جيوش الموظفين الذين يعيشون على حساب الشعب السوداني؛ يمثل الحل الواقعي والمطلوب في هذه المرحلة، وأي معالجات لإحياء الموتى مصيرها الفشل وسودانير ماتت ولم تبق إلا الأشباح والصور.