شهادتي لله

هل نتعلم من رواندا؟

هل تتذكرون رواندا؟.. نعم إنها هي، الجمهورية الأفريقية شبه المنسية التي طغت أخبارها على ما عداها من كل أخبار العالم على مدى (100) يوم كانت فيها البلاد برمّتها مسرحاً لواحدة من أبشع حروب الإبادة الجماعية في تاريخ البشر.. هي حرب مارسها (المكونان) الرئيسان في البلاد، الهوتو والتوتسي، ضد بعضهما البعض فمات منهما نحو (800) ألف إنسان في تلك المدة القصيرة.
كان ذلك في العام 1994، وفي غضون سنوات قليلة بعد ذلك، نجح شعب تلك الجمهورية الواقعة في أواسط القارة السمراء حيث منبع نهر النيل، في التعافي ووضع أيام المجزرة وراء ظهره بفضل قيادة حكيمة توفّرت له. رواندا صارت اليوم أنموذجاً للبلدان النامية، فقد سجّلت قصة نجاح مميزة حيث تحقق لها الاستقرار السياسي والاجتماعي والتنمية الاقتصادية التي أسفرت عن مضاعفة الدخل ثلاث مرات في السنوات العشر الأخيرة، فيما تُعتبر حكومة البلاد من أكثر الحكومات كفاءة ونزاهة في القارة الأفريقية.
 كما سجّل مجلسها التشريعي لنفسه أنه أول برلمان في العالم تحتل النساء أغلبية مقاعده، فيما تُصَنّف عاصمتها “كيغالي”، بوصفها أول مدينة في أفريقيا تُمنح جائزة زخرفة المساكن وجائزة شرف لاهتمامها بالنظافة والأمن والمحافظة على نظام المدينة الأنموذجية.
يُعزى قسم كبير من نجاح رواندا في التعافي من محنة الإبادة الجماعية إلى انتهاج حكومة ما بعد الإبادة سياسة (الاتحاد والمصالحة) المستندة إلى نظام قضائي تقليدي يعرف باسم “غاكاكا”، أمكن بموجبه التعامل مع مئات الآلاف من الأشخاص المتهمين بجرائم الإبادة الجماعية، وتحقيق التسامح بين الناس واستئناف العيش المُشترك.
 وبموجب هذا النظام يجتمع سكان القرية بأكملها ليشهدوا على عمليات الاعتراف وعلى صدقيتها، وتشجيع الضحية على الصفح والغفران، والاتفاق على بعض التعويضات مثل المساعدة في حراثة حقل الضحية لفترة من الوقت. وقد نجح هذا النظام إلى حد كبير في تحقيق المصالحة والاستقرار في رواندا.
لنتعلم من رواندا في الأقل مادمنا لم نقدر على التعلّم من جمهورية جنوب أفريقيا .
الفقرات أعلاه  من مقال كتبه الكاتب العراقي ” عدنان حسين” يبكي حال بلده العراق، ولكن ألا يحق لنا نحن في السودان أيضاً أن نتعلم من رواندا .. في السياسة والاقتصاد والتنمية وإدارة وتخطيط المدن كما حدث في العاصمة “كيغالي”؟
نحتاج أن نتعلم منها ومن “ماليزيا” و”تركيا” و”البرازيل” بل حتى من “إثيوبيا” المجاورة التي هرب إليها أكثر من (700) مشروع استثماري من السودان بقيمة نحو (مليار دولار) !!
لماذا هربت تلك المشروعات من بلادنا وذهبت لدولة مجاورة ؟! لابد أن هناك خللاً كبيراً في المعاملات والإدارة الاقتصادية للدولة بصفة عامة، وفي مجال الاستثمار بصفة خاصة .
هل نتعلم من دول العالم من حولنا ؟؟

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية