الديوان

(المجهر) تقف على الأطلال بمدينة "سواكن" التاريخية على البحر الأحمر

بمناسبة اليوم العالمي للسياحة
سواكن – سيف جامع
تعتبر مدينة “سواكن” المطلة على الساحل الغربي للبحر الأحمر أقدم المدن الإسلامية في المنطقة، وشيدت المدينة في جزيرة صغيرة قريبة من الساحل وشهدت قبل 200 عام شهرة واسعة قبل أن تندثر وتتحول إلى تاريخ خاصة في الجزيرة القديمة، وتعتبر “سواكن” أولى المدن التي أسست بالطوابق المتعددة واستخدمت الصخور المرجانية في أعمال المعمار، غير التصاميم الهندسية الرائعة، كانت قديماً الميناء الرئيسي المطل على البحر الأحمر في المنطقة، كما كانت مركزاً تجارياً رئيسياً وميناء لشحن العبيد وسفر الحجاج إلى شبه الجزيرة العربية.
لكن “سواكن” أصبحت الآن أطلالاً وأكواماً تحكي عظمة التاريخ الإسلامي، وتضم الجزيرة القديمة عدداً من المقرات الأثرية التي انهار جزء منها بشكل كبير فيما تبقى جزء منها صامداً مثل مبنى المديرية والبنك الأهلي و”قصر الشناوي”، وتوجد كذلك الغرفة التي حبس فيها الأمير “عثمان دقنة”.
وشرعت دولة “تركيا” في ترميم الجزيرة التي تحتضن مبانٍ تاريخية تعود إلى الحكم العثماني، وبالفعل انتهت المرحلة الأولى بترميم (المسجد الشافعي) ، بجانب خمسة مبانٍ أخرى من بينها ثلاثة مساجد ومباني (المحافظة) و(الجمارك).
ويقال إن أول من بنى (المسجد الشافعي) “شجرة الدر” ورمم بأمر من الخديوي “محمد علي باشا” في 1839م.
ويقول معتمد سواكن (مجذوب أبو علي مجذوب) إن هناك خطة لإعادة ترميم المدينة مع المحافظة على شكلها وتصميمها الأثري، وقد بدأ العمل بترميم المساجد ومبنى الجمارك الذي سيتحول إلى فندق خمسة نجوم، يستقبل السياح من كافة أنحاء العالم، لافتاً الى  أن هناك مسائل يمكن أن تعوق التطوير في الجزيرة ،لأنها تعتبر ملكاً حراً لبعض الأسر والمؤسسات.
“سواكن” والأساطير
أساطير وحكايات عدة دارت حول “سواكن”، ولم يعرف السودان مدينة تدور حولها الأساطير والحكايات مثل “سواكن” المطلة على (البحر الأحمر)، حيث يشاع بأنه يوجد بها (الجن) ويسميها البعض مدينة (الجن) و(المدينة الغامضة)، لكن معظم هذه الروايات مجرد خيال لم يتم تأكيد أية حقائق حول هذه المزاعم، كما لا يعرف تاريخ محدد لتأسيس المدينة.
وقديماً أطلق على “سواكن” اسم “سواجن” لاعتقاد يفيد بأن نبي الله سليمان كان يسجن فيها (الجن المتمرد) على سلطانه، كما يطلق عليها أيضاً اسم (أوسوك) وتعني السوق بلغة شعب البجا الذي يقطن المنطقة.
ويقول مؤرخون إن المدينة التي كانت في يوم من الأيام الميناء الرئيسي للسودان، بنيت فوق جزيرة مرجانية قبل أن تتحول منازلها إلى آثار وأطلال،
ويقول “أونور عمر علي” المختص في الآثار ،إن حضارات عديدة مرت على “سواكن”، ويؤكد أن أبنية المدينة القديمة كانت تتكون من (3) طبقات يتجسد فيها فن العمارة الإسلامية بأقواسه وزخارفه، ويوجد بها مسجدان ومبنى (البنك الأهلي) و(التلغراف).
وتاريخ “سواكن” ربطه البعض باليونانيين والبيزنطيين والهنود والعثمانيين والرومان وبلاد الحبشة وشبه الجزيرة العربية، بجانب جذور تاريخية ربطت المدينة بالعهدين (الأموي) و(العباسي)، وحسب “أونور” فإن (جزيرة سواكن) يفصلها كبري عن بعض المناطق الأثرية، وهي محاطة بسور بناه اللورد “كتشنر”، الذي قاد حملة الغزو الثنائي (البريطاني المصري) على السودان عام 1898م، وبه بوابة تحمل اسمه.
وشهدت إحدى بوابات “سواكن” المعركة الشهيرة بين “عثمان دقنة”، أحد قادة الثورة المهدية، والمستعمر الإنجليزي. ومن الأبنية التي تؤكد قدم المدينة (البنك الأهلي) و(قصر خورشيد) و(بوابة كتشنر) و(قصر الشنّاوي)، الذي يضم غرفاً بعدد أيام السنة، ومبنى (الجمارك) الذي يعود تاريخه إلى أيام الحكم العثماني لـ(منطقة تاماي) ،القريبة من “سواكن”. وهناك حكايات تروى أيضاً عن بسالة السودانيين في معركة صمدت فيها قوات الأمير “دقنة” في وجه مدافع الاستعمار الإنجليزي، وتشهد على ذلك مقابر الشهداء ونصب تذكاري للجندي المجهول ،صممه عالم آثار بريطاني يدعى “بول”.
بدأت الهجرة من “سواكن” حينما نقل الاستعمار البريطاني في العام 1910م الميناء الرئيس إلى “بورتسودان” ليتم هجر “سواكن” ، قبل إحيائها مرة أخرى، بإنشاء ميناء فيها لتصدير النفط، وبالمدينة مرفأ لـ(اليخوت) الصغيرة لممارسة الغطس والصيد، وتتوفر بها فنادق وخدمات تمكن السياح من قضاء وقت ممتع.
المساهمات الدولية لتسجيل “سواكن” ضمن التراث الإنساني العالمي جاءت من عدة دول، حيث أعلن (المركز الإقليمي العربي للتراث العالمي) ،ومقره (مملكة البحرين)، عن دعمه لترشيح مدينة “سواكن” لتسجل كموقع ضمن التراث العالمي.
مدينة “سواكن” بدأت تنهض من جديد، حيث توسعت بفضل إنشاء (ميناء عثمان دقنة)، ووصلت الأحياء فيها إلى (35) حياً ، يقطنها آلاف السكان.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية