استقالة "جمال"
الاستقالة التي تقدم بها “جمال الوالي” من رئاسة نادي المريخ طغى أثرها وصداها على مؤتمر الحوار الوطني، وإعلان استقالة “جمال الوالي” في يوم انعقاد مؤتمر الحوار لولا أن “جمال” من المقربين جداً للرئيس “البشير” ومن النافذين في حزب المؤتمر الوطني، لاعتبرت واحدة من مخططات المعارضة لصرف الأنظار عن مؤتمر الحوار الذي بدأ (السبت) الماضي، لأن وجود “جمال الوالي” في رئاسة نادي المريخ ليس وجوداً عادياً مثل سائر رؤساء الأندية الرياضية في السودان والعالم.. و”جمال الوالي” مثل “بيرجسكوي” في إيطاليا يمثل واجهة لرفيق الميلان، ولكنه في ذات الوقت رئيس وزراء إيطاليا عن الحزب الاشتراكي. و”جمال الوالي” رياضي وسط السياسيين وسياسي في الوسط الرياضي يتجاوز تأثيره رئاسة نادي المريخ إلى الوسط الرياضي برمته، حيث يعتبر جسراً يصل رئاسة الدولة بالقطاع الرياضي وبالتالي هو أقرب للسلطة العليا أي وزير رياضة من المتحالفين أو آل البيت مثل “أسامة ونسي” و”حاج ماجد” و”حسن عثمان رزق”. وجاء “جمال الوالي” رئيساً تمددت التساؤلات من هو “جمال الوالي”.. وبعد سنوات من العطاء والإنفاق المالي أخذ سائقو المركبات العامة من عشاق المريخ يكتبون عبارات مثل (جمال الوالي رئيس طوالي). وقد جعل “الوالي” من المريخ (نادياً) كبيراً في أفريقيا استقدم محترفين بأموال طائلة، وأنفق مما يملك من ثروة ما لا يقل عن (2) مليار دولار في منشآت النادي وأسفار فريق كرة القدم وترحاله، حتى بات الانضمام لنادي المريخ أمنية وطموح كل لاعب في السودان وخارج البلاد، طبعاً باستثناء أوروبا.. لما يجده اللاعب من رعاية وأموال ينفقها “الوالي” بلا حساب.. وكثيراً ما سعى “الوالي” لمغادرة الوسط الرياضي والتنحي من رئاسة نادي المريخ لكن غياب البديل.. ورفض السلطات العليا في الدولة تخلي “الوالي” عن المريخ أرغمته على البقاء في أسوار النادي والصرف المالي والإنفاق، وحينما اقترب المريخ هذا العام من نيل بطولة أفريقيا للأندية الأبطال أيقن الجميع بأنها لحظة حصاد ما زرعه “الوالي” في تربة النادي منذ أكثر من عشر سنين من الحب والنجاح والآفاق والأفراح والأتراح في الديار الحمراء.. لكن هبت أحداث سبتمبر ووضعت المريخ خارج دائرة التنافس على الأميرة الأفريقية وتبدد حلم “جمال الوالي” الذي سعى إليه من خلال استقطاب (7) محترفين ولم يحصد إلا المركز الثالث أفريقياً.. ويعلن بصورة مفاجئة استقالته قبل موعد الجمعية العمومية.. وقبل نهاية الموسم بأسبوعين فقط وفريق المريخ فقد البطولة في الملعب، ولكن الاتحاد الرياضي ذبح العدالة في محراب التنافس وأراق دماء هلال كادقلي والأمل عطبرة.
(عشان خاطر عيون حلوين) ليفوز المريخ بالدوري الممتاز والاتحاد الرياضي على يقين أن نادي الهلال لا يستطيع اتخاذ موقف.. ولكن “جمال الوالي” (شبع) في البطولات المحلية.. وسيكافا.. وأنفق من ماله ما أنفق وفي الوقت الذي يحتاج فيه المريخ (محلياً) لـ”جمال الوالي” لتسجيلات اللاعبين الوطنيين والأجانب خاصة، وقد وضعت الحكومة ضوابط لمسألة تجنيس اللاعبين ولن يستطيع إداري آخر تحمل مسؤوليات إدارة فريق الكرة في هذا التوقيت.. لأن مغادرة “جمال الوالي” حدث غير عادي في كل الوسط الرياضي لأن “جمال الوالي” قدم نموذجاً في حسن الأداء وقويم الخلق وعفة اللسان.. رئيس نادٍ للمريخ ولكنه صديق لـ”صلاح إدريس” و”البرير” وحتى “الكاردينال”.
لقد وضعت استقالة الرجل كل المريخيين في مأزق يصعب الخروج منه.. لغياب البديل الذي يستطيع أن ينفق مثلما ينفق “جمال الوالي”.. وليس في الساحة قيادي مريخي يستطيع إنقاذ السفينة التي لا محال غارقة إذا غادرها “الوالي” وأغلق صنابير الدعم عنها.