طريق الحل .. ليس من هنا !!
كلما أعلن عن موعد لمؤتمر حوار أو مفاوضات سلام، تخرج علينا أسماء جديدة أو قديمة مستهلكة ومجربة لقادة حركات تمرد في دارفور !!
التمرد في دارفور صار (لعبة) وفي أفضل الأحوال (تجارة)، وذلك بعد مضي عام واحد على اندلاع شرارته الأولى أو ثورته (الأولى) كما يسمونها، في العام 2003 . (إحدى حركات التحرير أضافت مؤخراً لاسمها عبارة “الثورة الثانية”!! نسأل الله ألا تكون هناك ثورة ثالثة .
الحل الإستراتيجي للأزمة في دارفور – يا سادتي – أن تتمدد مشروعات التنمية الاقتصادية والبشرية في ربوع الإقليم، أن تتوفر الخدمات .. المياه والكهرباء .. المستشفيات .. المراكز الصحية .. المدارس والجامعات .. الطرق والكباري .. وتنتعش الأسواق .
وعندما يتحقق الكثير من هذه العناصر التنموية والخدمية، تموت نار الحرب في دارفور تلقائياً دون حاجة لعودة “فلان” أو “علان” من حركة التحرير الفلانية أو العدل الفلتكانية .
بعض الذين عادوا بالأمس وشاركوا في مؤتمر الحوار بقاعة الصداقة بالخرطوم كانوا وزراء ودستوريين في هذه الحكومة، وبعض الذين لم يعودوا تسنموا أيضاً مواقع تنفيذية رفيعة في ذات الحكومة وتحت رئاسة المشير “عمر البشير” مثل الجنرال “مني أركو مناوي” !!
إذن .. هذا ليس طريق الحل، لأنها أصبحت مسلسلات، يدخل “زيد” فيخرج “عبيد”، يشارك “أحمد” في الحكومة والحوار .. فيتمرد “حاج أحمد” !!
الحل أن تفرض الدولة هيبتها وتبسط سلطتها كما هو الحال الآن في غالب أراضي دارفور، ثم تنفق وتفتح الأبواب للمانحين من كل العالم لينفقوا في مشاريع التنمية بالإقليم، ثم ننتظر المستقبل، لتنبت في تلك الأرض الطيبة أجيال جديدة بفكر مختلف، ورؤى مغايرة، أجيال لا تؤمن بالقبيلة ولا بالتمايز الإثني، ولا تضيع السنوات في (ترقيم) الثورات الوهم .. ثورة أولى وثانية ..!! بل تسعى في ترقيم المنجزات وتعداد الطفرات في البنى التحتية والتكنولوجيا والنهضة في كل المجالات .
دارفور التربة الخصبة والجنان الخضراء والزراعة المنتجة بأقل التكاليف .. دارفور المناجم والمعادن والبترول القادم .. دارفور السياحة أعلى وأسفل “جبل مرة” على امتداد مئات الكيلومترات مروراً بمزارع وبساتين “بلبل أب جازو” .. دارفور ملايين الرؤوس من الماشية .. الضأن والأبقار والإبل .. الصادر والمسالخ والألبان .
دارفور كنز السودان الذي بعثره العصاة من أبنائها المفسدين في الأرض باسم الثورة والمهمشين .. فلم يفعلوا غير أن أحرقوا الزرع والضرع، وقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، تنازعاً جاهلياً على (حاكورة) أو انتقاماً من جمل تعدى على زرع، فزادوا أعداد المهمشين والمشردين .. لاجئين ونازحين .
بصراحة .. ليس مدهشاً ولا حلاً أن يعود أحد قادة تمرد دارفور ليشارك في مؤتمر الحوار، حتى لو كان “عبد الواحد” أو “جبريل”، فما أن يعود هذا أو ذاك حتى يتمرد غداً “عبد الواحد الثاني” و”جبريل الثالث” .. وهكذا تستمر حلقات المتاهة !!
السلام يتحقق بالتنمية المحروسة بقوة الدولة، بمخاطبة قضايا ومشكلات الجمهور العريض، وليس مساومة (قادة ميدانيين) أو غير ميدانيين .. السلام يتحقق ببسط العدالة في كل الدولة .. بالتداول السياسي والسلمي للسلطة لا بتقسيم (الكيكة) للبسوى والما بسوى .
للأسف ..لم تكن هناك أي مفاجآت تذكر في يوم الحوار الأول، ولم يهجم (النمر) يا (7+7) .. لا نمر ولا (كديس) !!