الصمغ العربي .. عندما (تسيل ريالتنا) !!
يجتهد وزير الخارجية البروفيسور”إبراهيم غندور” في تحريك جمود ملف العلاقات السودانية – الأمريكية، بصدر دبلوماسي متسع، وصبر جميل وأمل في التغيير لصالح مصلحة الشعبين، ولصالح استدامة السلام والأمن والاستقرار في المنطقة .
لكن السادة الأمريكان لم يرعووا بعد، وما يزالون يطلبون المزيد من حكومة السودان بعد (نيفاشا) و(أبوجا) و(الدوحة) وتمرير الاستفتاء على تقرير مصير (جنوب السودان)، ثم الاعتراف به دولة مستقلة ذات سيادة، فضلاً عن ملفات التعاون في محاربة الإرهاب وأظنه تعاون مستمر إلى يوم الناس هذا ودون مقابل!!
ليس مأمولاً أن ترفع أمريكا عقوباتها الاقتصادية عن السودان في القريب العاجل، أما عقوباتها السياسية فقد زادت من عمر النظام الحاكم، وجعلته الأكثر استقراراً وسط مجموعة من الأنظمة المدعومة سياسياً واقتصادياً من الولايات المتحدة، ورغم ذلك ذهبت إلى مزابل التاريخ !!
أمريكا انتهازية .. بل هي أستاذة الانتهازية في العالم .. ولهذا لا يستحي مبعوثها ووفده الزائر وسفيرها في الخرطوم من أن يعلنوا عن مزيد من التسهيلات والاستثناءات الخارقة للعقوبات في ما يتعلق بسلعة (الصمغ العربي) وليس غيره!!
فقط (الصمغ العربي) القادم من السودان .. لأنهم في حاجة ماسة إليه في صناعات مختلفة تبدأ بـ(الكولا) ولا تنتهي بالأدوية والحلويات .
يجمدون العقوبات .. ويصبح السودان دولة مسالمة وغير إرهابية، وسجلها ناصع في ما يتعلق بحقوق الإنسان والحريات الدينية، السياسية .. والصحفية، فقط في حالة (الصمغ العربي) !!
فهل من انتهازية أوضح للعيان ذوي البصر والبصيرة من هذا المثال ؟!
والغريب أننا نصفق لقرار الاستثناء من العقوبات الأمريكية الخاص بحماية مصالحهم الاقتصادية، بينما يرفضون هم بالمقابل استثناء سلع ضرورية للسودان مثل الأجهزة والمعدات الطبية، والأدوية المنقذة للحياة، وقطع غيار الطائرات التي مات في حوادثها المئات من أبناء شعب السودان سياسيون وعسكريون وتنفيذيون، ومواطنون من عامة الناس في أكثر من حادثة لطائرات شركة الخطوط الجوية السودانية .
لماذا لا ترفض حكومة السودان تصدير (الصمغ العربي) للولايات المتحدة عملاً بسياسة (التعامل بالمثل) التي تطبقها أمريكا – نفسها – في حالات عديدة خلال معاملاتها مع الكثير من دول العالم ؟!
لماذا نوافق على تصدير (الصمغ) لأمريكا، ونفرح .. ونكبر ونهلل لأنهم استثنوا معدات تجهيز الصمغ العربي من العقوبات .. فإلى متى نحن بسطاء وسذج مثل ذاك الذي بيع له (الترماي) .. وقبض الريح .. إلى متى – يا سادتي – تظل (ريالتنا سايلة) ؟!!
ليس هناك من عائد يذكر لصادرات الصمغ العربي في ظل استمرار (تهريب) غالب المحصول السوداني إلى دول الجوار، والوضع إذ ذاك فلتتخذ حكومة السودان موقفاً يحفظ لها ماء وجهها وكرامتها .. موقفاً (تقايض) به في مفاوضات استثناءات السلع بين الطرفين .. فلم تقدمون لهم صمغاً .. وتستمر العقوبات بينما يمكن أن يباع هذا الصمغ في أسواق عالمية أخرى ؟!
رجاء .. سادتي في مجلس الصمغ العربي .. لا تصفقوا على إنجازكم بتقديم الخدمات (من طرف واحد) !!
أوقفوا الصمغ العربي عن أمريكا .. صدروه للصين .. لليابان .. لروسيا .. وامنعوا تهريبه من حدودنا .. سيأتي غداً (رعاة البقر) متزلفين مقدمين استثناءات أخرى.