وتاني .. ( مناضل ) جميل بقى وزير !!
أثار تعيين الناشط السياسي المعارض وعضو أحزاب الأمة المختلفة من (القومي) إلى (القيادة الجماعية) والكاتب الراتب خلال السنوات الأخيرة بالصحف اليومية الأخ “حسن إسماعيل” وزيراً للحكم المحلي بحكومة ولاية الخرطوم أمس الأول، أثار موجة هياج لدى مناضلي (الكي بورد) من كل بقاع الدنيا، فضلاً عن غضب جوقة معارضة (صوالين) الخرطوم وشوارعها ونواصيها، كما أحدث خبر التعيين عجباً مقروناً بحيرة لا تخلو من غيرة عند بعض كتاب الأعمدة.
وصار كل هؤلاء ينشطون ذاكرة الشعب السوداني بأن “حسن” الذي صار وزيراً هو الذي خطب في تأبين الشهيد “صلاح سنهوري” خلال أحداث سبتمبر 2013، وألقى خطبة مضرية هيج بها مشاعر الشباب، هاجياً (الإنقاذ): (دا نظام متخبط .. قدر ما حاولنا نتكلم معاهو .. ما بسمع .. قلنا ليهم ما تفصلوا الجنوب .. يقولوا ليك : هي لله ..!! ياخي هي لله بتاعت ايه ؟! يقولوا ليك ماشين نيويورك للأمم المتحدة .. وحجزنا فنادقنا هناك .. فنادق شنو .. أنت ماشي شهر عسل وللا ماشي قمة؟!).
أنا لا أتعجب مما قاله “حسن إسماعيل” يومها، فهو شاب معارض يفور حماسة وهو كادر خطابي مفوه مشهود له بمقارعة الإسلاميين في جامعة الخرطوم، وقد ظن ساعة خطبته أن الحكومة في تلك الأيام المولعة (قطرها صفر) وحانت لحظة الرحيل، فأراد أن يكون أحد أبطال (ثورة سبتمبر)!! ولكن الله ما أراد .. وها هي ذات الحكومة باقية .. وهاهو “حسن إسماعيل” وزيراً ..وهكذا السياسة .. وهكذا الدنيا كما غنى “كمال ترباس” من كلمات “عوض جبريل”: (ما تهتمي للأيام .. طبيعة الدنيا زي الموج .. تشيل وتودي .. وما تهتمي للأيام .. ظروف بتعدي).
غير أنني لا يساورني أدنى شك في أن معظم الذين هاجموا “حسن إسماعيل” في الأسافير وفي غيرها، لو عرض والي الخرطوم الفريق “عبد الرحيم محمد حسين” أو حتى والي “سنار” على أحدهم وزارة أو معتمدية، لوافق على الفور ودون تردد، وربما ردد بعدها: (هي لله .. هي لله .. لا للسلطة ولا للجاه).
فمسلسلات (النضال الأجوف) الذي لا يقف على ساقين من قيم ومبادئ، صارت مكرورة ومحفوظة و(بايخة).
تعيين “حسن إسماعيل” وزيراً لا يكشف عن (انتهازية) كادر مناضل، فقد كان السيد “مبارك الفاضل المهدي” الذي ينتقد اليوم مسلك تلميذه “حسن”، مساعداً لرئيس الجمهورية، وكان “مالك عقار” رئيس (الجبهة الثورية) وزيراً ووالياً في حكومة الرئيس “البشير”، وكان نائب رئيس الجبهة “مني أركو مناوي” كبيراً لمساعدي الرئيس، وحل “فاروق أبو عيسى” و”ياسر عرمان” و”فاطمة أحمد إبراهيم” أعضاء معينين من الرئيس في مقاعد برلمان 2005، فلم لا يتركون هذا الشاب الطموح يجرب حظه في المشاركة والاستيزار ؟!
لكن استيزار الأخ “حسن إسماعيل” يؤكد للآخرين من الطامحين أن أقصر طريق للوزارات والمعتمديات ورئاسات لجان البرلمان، أن تكون عضواً قيادياً بحزب (صغير) حليف للمؤتمر الوطني، لا أن تكون عضواً بالمؤتمر الوطني ذاتو، فالصف طويل في الحزب الكبير، والمجموعات والكتل والمؤامرات و(المقصات) تجعل من الوصول للمناصب الدستورية أمراً عسيراً وشاقاً.
عزيزي “حسن إسماعيل” .. أضحكني حتى كدت أقع من طولي اعترافك الطريف بعد التعيين في حديث لإحدى الصحف: (أنا أصلاً لم أكن صحفياً، أنا زول إدارة).. سريع كدا نكرتنا حطب!! مع أننا لم نعرفك يوماً (مدير ليوم واحد) لو تذكر المسرحية السودانية الشهيرة !!
وفي رأيي أن وزارة الحكم المحلي وزارة ضباط إداريين وبيروقراطيين، وزارة رتيبة وفائض عمالة، ولا يسهل فيها الإبداع، حتى لو كان الوزير خريج إدارة فلا علاقة لقوانين المحليات ونظمها الحالية بما درسه “حسن” في الجامعة، مثلما أن أساليب ومناهج العمل الصحفي الحديثة لا صلة لها بما يدرسه الآن طلاب الإعلام، وكان مناسباً لحبيبنا منسوب حزب حبيبنا الدكتور “الصادق الهادي المهدي” وزارات من شاكلة الثقافة والإعلام والشباب والرياضة. أخي “حسن” .. مبروك عليك الوزارة .. وقشة ما تعتر ليك .. وما تشتغل بهتيفة المنتديات وعطالى القروبات .. سيموتوا بغيظهم .عزيزي “عبد الباقي الظافر” .. يعني هسه لو كنت في حزب “الحسن الميرغني” كنت بقيت نائب رئيس البرلمان !! ولو كنت مع دكتور “نهار” كان بقيت رئيس لجنة، ولو مع “مسار” إمكن يعينوك نائب رئيس لجنة وللا معتمد رئاسة !!
2
ضمت تشكيلة حكومة الخرطوم الجديدة عدداً من العسكريين المتقاعدين. ولا شك أنهم أصحاب خبرات ودربة متراكمة. لكن عامل السن وطول الخدمة العسكرية لهما تأثيراتهما بلا شك على الأداء العام. لو كان لازماً دخول جنرالات في حكومة الجنرال “عبد الرحيم” فإن الأنسب كان اختيار ضباط من رتبة “عقيد” إلى “لواء” ما زالوا في الخدمة، وأكثر حيوية .. وعطاءً .. ورغبة في إثبات الذات.