الاعمدة

ولنا رأي : صلاح حبيب

رحيل أهل الفن “وردة” و”نادر”!!
كل يوم يفقد الوسط الفني علماً من أعلام الفن والغناء ومبدعاً من المبدعين، فقد رحلت اليومين الماضيين الفنانة “وردة الجزائرية” تلك الفنانة الأنيقة في كل شيء، كلماتها سهلة وموسيقاها عذبة وروحها طيبة إلى النفس. أعجبت بغنائها عندما كنا في قاهرة المعز في بداية الثمانينيات، وحبب إليَّ فنها الأخ الفاضل “الرشيد المهدية” الأخ الصديق وابن الحي لاعب “الهلال” الدولي ولاعب نادي “الزمالك” المصري عندما كان في قمة فنه وعطائه وإبداعه الرياضي مع “الزمالك”، خطف الأضواء وقتها وعمل جمهوراً ليس في مجال كرة القدم بل تعداه، وأصبحت له صداقات مع أهل الفن والغناء، ومن بينهم هذه المبدعة الجزائرية “وردة” التي كانت تقطن بشقة جواره بمدينة المهندسين، كانت على علاقة طيبة به، فكان يسمعني دائماً أغانيها ويعيد الشريط مرة ومرتين وثلاث حتى أكاد أحفظ المقطع الذي يريدني “رشيد” أن أسمعه.
كان مفتوناً بغنائها وكانت محبة له، واتخذته صديقاً لها رغم فارق السن بينهما، وكان ذلك يدل على أن الإبداع ليست له حدود، استمعت مع الأخ “الرشيد” لكثير من أغانيها وكانت ألحانها عذبة. وقد أحبها أيضاً الشعب المصري وهذا يدل على أن الشعب المصري محب للفن والرياضة معاً، فقد أحب شخصين لا رابط بينهما إلا هذا الفن النبيل، فن الغناء عند السيدة “وردة الجزائرية” والإبداع الكروي عند “الرشيد المهدية”، فكانوا يتغنون للرشيد ويقولون “ادلع يا رشيد على وجه الميه”.
ألا رحم السيدة “وردة” رحمة واسعة والهم آلها وذويها الصبر الجميل، والهم الوطن العربي الصبر والسلوان.
وبمثلما فقد الوطن العربي الكبير الفنانة “وردة”، فقد افتقد الوسط الفني والغنائي والسودان أجمع الفنان الشباب “نادر خضر” إثر حادث مرور بطريق “شندي الخرطوم”. عرفت الفنان “نادر خضر” في عام 2010م تقريباً، عندما طلب مني الأستاذ “الكرنكي” ووقتها رئيس تحرير صحيفة “الرائد” إجراء حوار معه، حاولت الاتصال به عدة مرات ووعد عدداً من المرات، ولكن أخيراً جاء في أمسية رمضانية بمكاتب “الرائد” بالعمارات، وكان حواراً مميزاً تناول جوانب مختلفة من حياته، مولده، ونشأته ودراساته، أيام الفرح التي عاشها، وأيام الحزن، وكيف دخل عالم الغناء.
الحوار كان ذا طابع خفيف. وأمس وقبل أن أستمع إلى نبـأ وفاته، كنت أستمع إلى حوار أجرته معه الإذاعة مع الشاعر المبدع “التجاني حاج موسى”، تحدث “نادر” بعفوية في ذلك اللقاء، وذكر أن والده كان يعمل سائق لوري يطوف مناطق السودان المختلفة ويحمل رسائل الأهل إلى أبنائهم في الأبيض أو كسلا أو بورتسودان أو الدويم.
“نادر” كان بسيطاً وتحدث بتلقائية، حيث قال: “كنت أسافر مع والدي في العطلة المدرسية”، سألته المذيعة وقالت له بمعنى أنك كنت مساعد اللوري، فرد عليها: “أنا كنت أجلس في كابينة القيادة ولا الكابتن “محمد عبد العزيز”، وكابتن شيخ الدين على الخطوط السودانية. “نادر” كان مرهفاً وحساساً، وأذكر مرة جاءنا غاضباً من الزميل “هيثم كابو” الذي أجرى معه حواراً وكان يطلق على تلك الحوارات بـ(المحاكمات)، وطلب نادر من “هيثم” عدم نشر الحوار. لقد كانت المشيئة أن يغادر “نادر” هذه الدنيا الفانية في لحظات، فنسأل الله له المغفرة والقبول، وأن يلهم أله وذويه الصبر الجميل.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية