معلومات (اللفح) عند (اليسار) السوداني!
يبدو واضحاً أن (اليسار) السوداني فقد الكثير مما كان يميز قياداته وكوادره على الآخرين من منسوبي التيارات والأحزاب التقليدية في السودان. فبعد أن كانوا مهمومين بالفكر والثقافة والانكباب على البحوث، والتدقيق في المعلومات، صاروا في خضم موجات (النضال الإسفيري) وجوقات المنتديات والقروبات والمواقع غير الرصينة يستسهلون الكتابة، فيطلقون الأقوال والأحكام ويرمون على الفضاء المفتوح ما يزعمون أنه (معلومات) و (تأريخ) صحيح ما دام ناقله وموثقه يسبق اسمه لقب (الدال) خاصة إذا كان مصدرها إحدى جامعات الفرنجة (الما خمج) التي لا تشبه جامعات ثورة التعليم العالي الإنقاذية خاصة (التجارية) و (الداعشية) منها!!
ومن فضائح تسطحات وجهالات وخفة معلومات عتاة (العصبة اليسارية) المناضلة ماوثقه وضحده الأخ الحبيب “مصطفى عبد العزيز البطل” المهاجر في بلاد ابن العم “باراك حسين أوباما” في مقاله الأسبوع الماضي، من إحدى سقطات (الدكتور) “حيدر إبراهيم” مدير مركز (الدراسات السودانية) – لا حظ كلمتي (دراسات) و (سودانية) – فقد زعم الدكتور نقلاً عن المرجع الرفيق الأكبر “شوقي بدري” أن محل (خيرات) الشهير في ستينيات وإلى ثمانينيات القرن المنصرم بسوق “أم درمان” كان يملكه و يديره الشيخ “يوسف القرضاوي” (الواحد دا .. الحي وقاعد هسه في قطر) !!
ومع أن الموضوع في شكله (هايف)، لكن جوهره مهم ويحمل إشارات إلى عميق و قديم علاقات (أخوان السودان) بـ(أخوان مصر) مما يفتح الباب لتكهنات وتخرصات ومعلومات مضروبة عن محلات أخرى جديدة على شاكلة (خيرات بتاع الباسطة والمرطبات) وربما شركات مقاولات يديرها (أخوان) جدد تسربوا من (المحروسة) إلى السودان بعد الإطاحة بحكم الرئيس (الإخواني) الدكتور “محمد مرسي”!!
ولأن الأستاذ “البطل” قد بذل مجهوداً لا بأس به و قطع شوطاً في (نفي) علاقة الشيخ الجليل “القرضاوي” بمحل المرطبات الأم درماني، غير أنه لم يكمل المسير فيحدد تبعية المحل، فإن الأمر قد استهواني خصوصاً و أن لي ذكريات مع هذا المحل ذي المنتجات اللذيذة وذلك في نهايات عهده(الذهبي)، ولا أنسى أنني كنت أمر عليه منتصف الثمانينيات، وأنا في طريق عودتي آخر النهار من مدرسة (المؤتمر الثانوية) مستقلاً (شماعات) بص (أبو رجيلة) الأصفر ذائع الصيت إلى (المحطة الوسطى – أم درمان) ومنها شرقا إلى حي “ود أرو” العريق .. مسقط رأسي .
و إذا كان هناك من يستطيع أن يؤكد أو ينفي إقامة “القرضاوي” في أم درمان في خمسينيات القرن الماضي، فليس غير اثنين من أبكار (الإسلاميين) والسابقين في (الجيل الأول) من (أولاد أم درمان) – أطال الله عمريهما – وهما الشيخان “عبد الرحيم حمدي” وزير المالية الأسبق و “إبراهيم أحمد عمر” رئيس البرلمان الحالي، فالأول عاش في حي “الملازمين” ردحاً من الزمن، والثاني ترعرع في حي “القلعة – محطة مكي ود عروسة ” .
اتصلت بالأستاذ “عبد الرحيم حمدي” وبيني وبينه ود وتواصل واحترام، وسألته عن حكايات (خيرات و القرضاوي)، فأكد لي بما لا يدع مجالاً للشك بأن “القرضاوي” لم يصل السودان في الخمسينيات والستينيات مطلقاً، وأن الصحيح هو أن زمرة من (أخوان مصر) وصلوا السودان في تلك الفترة هرباً من إعدامات و تنكيل الرئيس “عبد الناصر” بهم، لكن “القرضاوي” لم يكن منهم.
وأكد لي السيد “عبد الرحيم” وهو من الجيل الأول لأخوان السودان، أن مالك محل (خيرات) اسمه “مصطفى جبر” ، و أنه من إسلاميي مصر، لكنه لا يقرب للقرضاوي بصلة، و لا تشبه ملامحه ملامح رئيس هيئة علماء المسلمين الذي ظل يطل على الناس كثيراً من خلال شاشة فضائية (الجزيرة) القطرية.
ومن شاكلة المعلومات المكذوبة (الملفوحة) ما يردده نشطاء (النت) كثيراً وأورده (الدكتور) “عمر القراي” في إحدى مقالاته ب (الراكوبة) في حقبة نجومية وسطوة مفجر (ثورة السدود) السيد “أسامة عبد الله محمد الحسن” أن الوزير النافذ “أسامة” (عديل) الرئيس “البشير”!! وأنهما متزوجان من أختين، وأن السيدة “وداد بابكر” هي شقيقة حرم السيد “أسامة”، ومن هذه العلاقة يستمد وزير الكهرباء والسدود نفوذه!!
والحقيقة أن حرم الرئيس اسمها ” وداد بابكر” وحرم الوزير السابق اسمها “إخلاص بابكر” ، وما يجمع بينهما رحم غير اسم “بابكر” الذي يجمعهما أيضاً مع المدير المالي لصحيفة (المجهر) “كوثر بابكر”!! والأولى من الشمالية .. والثانية من ريفي المناقل والثالثة بديرية!
دققوا وصححوا .. و لا (تلفحوا) الكلام. . أعزائي ( بني علمان ) .