مرتبات المديرين بعيداً عن الثورية!!
جاء بإحدى وسائط الإعلام الإلكتروني أن والي الجزيرة الدكتور “محمد طاهر أيلا” زار ضمن جولاته التفقدية وزارة المالية بالولاية، وخلال وجوده بمكتب مدير عام الوزارة سأله: راتبك كم؟ فأجابه: بالبدلات حوالي (30) ألف جنيه. فسأله: أنت من الوزارة وللا من بره؟ فرد المدير: لا أنا متعاقدين معاي من بره .
فالتفت إلى نائبته وسألها: وأنت راتبك كم؟ فأجابت: (1400) جنيه، وأنا من الوزارة واتدرجت لحدي ما حصلت نائب مدير .
فقال “أيلا” موجهاً حديثه للمدير العام: يعني لو فصلناك وعينا نائبتك بنوفر (29) ألف جنيه!!
ثم أصدر الوالي قراراً بإعفاء المدير وتعيين نائبته مكانه. انتهت الرواية .
غير أنني لا أظن أنها رواية صحيحة المتن والسند. فهل يمكن أن يكون سبب الإعفاء هو أن مخصصات المدير تبلغ ثلاثين ألفاً من الجنيهات، وأن تعيين نائبته يوفر لخزينة الولاية تسعة وعشرين ألفاً .. إلا قليلاً ؟! هل هكذا يمكن أن يكون تفكير الرجل الذي طالما تغنينا لقدراته الإدارية وإمكانياته العبقربة التي جعلته يحول البحر الأحمر لولاية مختلفة .. متطورة ومزدهرة رغم الفقر الذي يضرب الولاية وقسوة الطبيعة التي تعاندها غالب أشهر السنة ؟!
ليس مهماً كم (ألفا) من الجنيهات يتلقى مسؤول قيادي أو موظف ما بمواصفات نادرة في موقع مهم وإستراتيجي، ولكن الأهم هل يستحق هذا الراتب أم لا ؟! وهل تكسب خزينة الولاية أو الوزارة أو الشركة من خلال إدارته للموقع عشرات المليارات من الجنيهات بأفكاره وطاقاته وإشرافه المباشر على تنمية الإيرادات بحيث كان الفرق واضحاً – في الحسابات – بعد تسنمه المنصب مقارنة مع عهد سلفه .. أم لا؟
ثم إنه من الاختلال بمكان أن يكون راتب المسؤول عن كل أموال واحدة من أغنى ولايات السودان فقط (ألف وأربعمائة جنيه)!!
الناجحون في إدارة (البزنس) الخاص، بل والعام في دول الاقتصاد المتقدم يحرصون على تقديم رواتب كبيرة ومغرية لمن يجلسون على مكاتب الإدارات المالية والتسويق والاستثمار .. ليس بسبب أنهم من يجلبون المال لتلك المؤسسات وينعشون حساباتها فحسب، ولكن لضمان توفير معيشة كريمة لهم لكي لا تحدثهم النفس الأمارة بالسوء بالاختلاس والتزوير وتلقي الرشاوى، ما يدمر مركز المؤسسة المالي ويمرغ سمعتها في الوحل .
لست من الثائرين (الرجرجة) الذين إذا سمعوا بأن مخصصات المدير أو الوزير الفلاني ثلاثين أو أربعين ألفاً هرعوا إلى أقلامهم أو (كي بورداتهم) يحدثون الناس عن الفساد وإهدار المال العام !!
بالله عليكم .. هل تكفي ثلاثون ألفاً من جنيهنا المتراجع لتغطية منصرفات عائل أسرة ممتدة، ومنفق على طلاب وطالبات جامعات، ينتظره أصحاب الحاجات كل صباح عند باب البيت أو المكتب لأنه وزير أو وكيل أو مدير عام أو عضو برلمان ؟!
إنها محض ادعاءات جوفاء، فحاكم إمارة “دبي” الشيخ “محمد بن راشد”، وهي المدينة الأكثر تطوراً وحداثة في العالم العربي، يستقدم مئات الخبراء والاستشاريين من “بريطانيا” ليوظفهم في مواقع التنمية والبني التحتية والتجارة والسياحة والتسويق، وينفق على الواحد عشرات الآلاف من الدولارات، فهل أخطأ “بن راشد” وأهدر مال “دبي” أم زاده ونماه ؟!
{سبت أخضر.