أخبار

مفتاح ضائع !

 لم يخفِ أكثر من مسؤول بالدولة قلقه من الظرف الاقتصادي العام ومظاهر غلاء الأسعار وعسر المعيشة وهي ملامح بارزة من أزمة لا ينكرها أحد أو يكابر بشأنها، وطالما أن قيادات الصف الأول بالحكومة قد تحسست ذلك فذاك في حد ذاته مدخل صحيح وإيجابي للنهوض بحلول ومعالجات صارمة. وحين أقول صارمة لا أعني أن تتشطر الحكومة على المواطنين ولكن بإتباع توصيات وإجراءات جزء منها يلي الجهاز التنفيذي نفسه، فقرار مثل السماح للمغتربين بالتحويل والاستلام بالعملة الأجنبية لمدخراتهم من الخارج قرار تقع مسؤولية تنفيذه وتفعيله على السلطات الاقتصادية وبنك السودان، وأي تأخير أو ممانعة في إنفاذه تعني ببساطة أن بعض السلطات لا تلتزم بالتوصيات والقرارات الملزمة من الحكومة في أعلى مستوياتها، خاصة أن الملاحظ تكرار النائب الأول لرئيس الجمهورية في أكثر من مناسبة أن هذا حق ممكن ولا خلاف حوله، ولكن الذي يحدث أن قرار تحويلات المغتربين ينتهي عادة إلى أخبار بالصحف ..وخلاص! السودان له فرص عديدة لاستدراك ظرفه الاقتصادي الخانق، ولكنه يحتاج إلى إرادة وقوة ردع تكف ألاعيب وأحابيل بعض الدوائر المستفيدة من الوضع برمته، سواء أكانت مراكز قوى اقتصادية أو أشخاصاً مستفيدين من الوضع الراهن ويتكسبون منه. وهؤلاء ثلة قد تتضرر مصالحهم ولذا ومن حجم النفوذ الذي تأسس لهم صارت غالب روشتات الإصلاح تنتهي بدفع المواطنين والبسطاء الثمن فيما يظل القطط السمان بمنجاة عن أي مسؤولية، هذا إن لم تزدهر أوضاعهم وتتضخم أرصدتهم وعوائدهم في البزنس بأشكاله المختلفة.  من الذي يعيق التوجه نحو الزراعة ولماذا يتلكأ الجهاز المصرفي في تمويل مدخلات الإنتاج ويتأخر كل عام على المزارعين حتى يمضي الموسم ويخرج أهله من فرص الحصول على حصاد ذي عائد، ومثل هذه التصرفات في أكثر من جهة وناحية وكلها تتفق على وجود قرارات وموجهات تصدر من مجلس الوزراء والمجالس المتخصصة والورش والمؤتمرات، وكان آخرها المؤتمر الاقتصادي الذي لم يعد أحد يعلم شيئاً عن توصياته أين ذهبت ومن يفرض عليها متابعة وتقويماً، وحتى مؤتمر القطاع الاقتصادي الوظيفي للمؤتمر الوطني فقد انتهى لصعود ذات الأشخاص ممن لا يحسنون القول والبشارة، وإنما كل حديثهم وعيد و(يا فليلكو) وكأنهم جهلوا قول الرسول الأكرم بشروا ولا تنفروا، ولكنهم ينفرون فقط.  المتأمل للحراك اليومي للناس ولأنشطة الحياة يشعر أن هذا الشعب يتدبر أمره وأن ثمة بعد غائب في المسألة الاقتصادية، ملمحها أن فرص القوة والنهوض متوفرة ولكن يبدو أن الأمر يحتاج إلى ثورة تغيير وإصلاح أشد عجلة وأهمية حتى من الإصلاح والتغيير السياسي، وإن كان الأمران متلازمين ويكمل إحداهما الآخر  سياسياً تبدو الرؤية إلى انفراج. واقتصادياً البلاد واعدة ولكن ثمة (مفتاح) ضائع في الأخيرة وطاقات مهدرة وموارد معطلة فمن يفك شفرة الموقف بالجملة، والراجح عندي أن الحكومة في مستوياتها العليا التي تتحسس الآن آلام الناس فعليها التدخل والضرب بقوة.  

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية