الديوان

برامج التواصل الإنساني تنافس على الخير عبر الفضاء التلفزيوني والأثير الإذاعي

الخرطوم – وثاب سعد
في الآونة الأخيرة على مستوى الفضاء التلفزيوني العالمي ظهرت مجموعة من البرامج التلفزيونية التي تبرز الأعمال الخيرية وتعمل على صياغة قيم ومعانٍ سامية تحقيقاً لأهداف ومضامين ما يعرف بـ(الإعلام الهادف والمفيد)، وهذه النوعية من البرامج تحمل شكلاً جديداً غير نمطي، كما تحمل رسالة وتوجهاً إنسانياً، وعبرها يقترب مقدموها من أصحاب الحاجة  وبشراكة ذكية مع أهل الخير ومكاتب المسؤولية الاجتماعية بالشركات والمؤسسات، يقدمون كل ما يحتاجونه من مساعدة وسند، وهناك إعلاميون مهتمون بالعمل الخيري لديهم برامج متخصصة في فعل الخير تعمل على حشد التبرعات للمساهمة في علاج بعض الحالات المرضية المستعصية ورعاية الأسر الفقيرة والطلاب في الجامعات والمدارس والتكفل بتعليمهم، إضافة إلى دعمها ورعايتها لحالات إنسانية تحتاج للدعم والسند، كما تقوم بإيصال الخدمات إلى شريحة كبيرة من المجتمع خاصة في قطاعي (الصحة) و(التعليم).
ومن بين هذه البرامج التلفزيونية التي اشتهرت على مستوى العالم بالمبادرات الإنسانية برنامج الإعلامية الأمريكية “أوبرا وينفري” التي استطاعت أن تؤكد عبر برنامجها الحواري بأن تفاعل المشاهير مع القضايا الإنسانية يزيد من اهتمام عامة الناس بالإحسان ويشجعهم على البحث والمشاركة أكثر في خدمة المجتمع أو تقديم المساهمات في الأعمال الإنسانية، وعليه ظلت “أوبرا” تسخر برنامجها الحواري الشهير(أوبرا شو) باستمرار لمثل هذا التواصل الإنساني.
وبالنسبة لنا في السودان نجد أن الفضائية السودانية أو المحطة التلفزيونية الرسمية سبقت الجميع على مستوى العالم العربي والأفريقي، بل وعلى مستوى الشرق الأوسط على إنتاج برنامج تلفزيوني سلط الضوء على أصحاب الاحتياجات الخاصة بهدف دعمها ألا وهو برنامج (الصلات الطيبة) الذي أعده وقدمه الإعلامي الراحل “محجوب عبد الحفيظ” في أواخر الثمانينيات، ومؤخراً ظهرت على شاشات الفضائية السودانية العديد من البرامج التي تهدف إلى تقديم المساعدات للشرائح الضعيفة منها برنامج (شراع الأمل) الذي تقدمه الإعلامية “رانية هارون” بقناة (الشروق)، وبرنامج (بنك الثواب) بقناة (قوون) الفضائية للإعلامي “عبد الله محمد الحسن”، بالإضافة إلى برنامج (أهل الخير) بالإذاعة الرياضية وبرنامج (البيوت) بالإذاعة القومية.  
ومن أهم البرامج التي تحمل رسالة وتوجهاً إنسانياً بقناة (النيل الأزرق) برنامج (صحة وعافية) الذي يعده ويقدمه الطبيب والأديب الشهير “عمر محمود خالد”، عبره ظل يقدم خدمة تثقيفية صحية، كما اتاح الفرصة للكثير من المرضى لمقابلة الأطباء في مختلف التخصصات الطبية بدون تكاليف مالية، وهناك برنامج (عديل المدارس) الذي ينتجه لـ(لنيل الأزرق) نجم الدراما الكوميدي “طارق الأمين” وهو برنامج تطوعي يهدف إلى إعمار وصيانة المدارس وإعادة تأهيلها في كل أنحاء البلاد بمشاركة مجموعة من الشباب المتطوعين ومساندة عدد من المؤسسات والهيئات الخيرية على رأسها شركة (دال)، نجح هذا البرنامج في صيانة وإصلاح أكثر من (200) مدرسة.
وحول هذا الموضوع تحدث لنا “د. عبد العظيم أكول” أستاذ الصحافة والإعلام بـ(جامعة أم درمان الإسلامية) قائلاً: هذه النوعية من البرامج استطاعت أن تقوم بدور كبير وتحقق أهدافها الخيرية والإنسانية، وساهمت في تخفيف الظلم الاجتماعي الذي يقع على المواطن المسكين خاصة في مناطق الريف والولايات الحدودية وحتى في المناطق الطرفية حول العاصمة وغيرها من الأماكن التي لم تصلها الخدمات الصحية والتعليمية وظل أهلها يعانون من الفقر والتهميش، وأضاف قائلاً أعتقد أن البرامج التلفزيونية والإذاعية التي تهتم بتقديم المساعدات الإنسانية والدعم الاجتماعي للفئات الضعيفة حققت جزءاً كبيراً من رسالتها الإنسانية تجاه هذه الفئات التي ظلت تعاني من ويلات المرض وشظف العيش وتتنازعها رياح الحياة القاسية، هذه البرامج بالحق تمثل إشراقة وومضة ضوء لأصحاب الحاجة الذين فقدوا الأمل في الحياة الكريمة. 
  نتمنى لهذه البرامج ولمقدميها أن يجدوا الدعم من الدولة وبالتحديد من وزارة الرعاية الاجتماعية ومن ديوان الزكاة ومن المصارف والمؤسسات الاقتصادية العامة والخاصة، ومن أهل الخير حتى يؤدون دورهم الإنساني بتوسع، وختم الدكتور “أكول” حديثه مناشداً المجتمع السوداني بضرورة الحفاظ على الإرث السوداني في التكافل والتعاون على عمل الخير عبر النفير، وإعادة البريق للشعارات السودانية العميقة التي تدعو للتعاضد والتعاون على البر منها (أيد على أيد تجدع بعيد). 
ويقول الدكتور “هيثم  عبد السلام” خبير شؤون المستهلك واختصاصي المسؤولية الاجتماعية: أرى أن البرامج التلفزيونية التي تهتم بالمساعدات الإنسانية أفادت المجتمع بصورة كبيرة خاصة في ظل التجاوب الذي يثير عواطف النفس البشرية تجاه ذوي الاحتياجات الخاصة من المرضى والفقراء والبسطاء، وأضاف بأن برامج التواصل الإنساني لها انعكاسات ايجابية تجاه المجتمع، حيث إنها تفتح الأبواب المغلقة للمبادرات الإنسانية وتعكس أنشطة المؤسسات في مجال المسؤولية الاجتماعية، وانتقل بالحديث عن دور الإعلام في مثل هذه الاشراقات الإنسانية، وقال من واجبات وأخلاقيات الإعلام أن يهتم بمثل هذه البرامج لدورها الرسالي والخدمي تجاه المجتمع، وانتقد بعض المؤسسات الإعلامية التي تنظر لبرامج المساعدات الإنسانية بنظرة ربحية وتغفل دورها الأساسي وواجبها في عكس مشكلات واحتياجات المواطن، واعتبر برنامج (الصلات الطيبة) الذي قدمه الإعلامي الراحل “محجوب عبد الحفيظ” أزاح الستار والحاجز النفسي للمواطنين وشجعهم على عرض مشكلاتهم عبر الإعلام، وفي ختام حديثه أكد على أن البرامج التي تخصصت في أعمال الخير على مستوى الفضاء التلفزيوني السوداني لفتت النظر إلى الكثير من القضايا والحالات الصحية والتعليمية، وأخيراً طالب الجهات المعنية بأن تمنح هذه النوعية من البرامج المزيد من الاهتمام والدعم لتؤدي دورها في عكس جميع المشكلات الإنسانية وترسخ لثقافة تكاتف الجهود لدرء المخاطر المجتمعية ليعيش هذا الشعب معافى طيباً بقدر ما يستحق ولننهض سوياً بهذا الوطن.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية