الساعة تمام الكاملة شوقا
هذه العقارب التي تدور حول ذاتها لا تقدر قيمة الانتظار ولا تحترم مشاعر الشوق… وهذه الكواكب التي تزين فضاءات الروح تنتظر قدومك عبر إشارات الضوء التي تبعثها نحوي…يا تائهاً بين هذا وذاك.. سرعان ما تنفلت الدقائق عبر أصابع الزمن وسرعان ما ينفلت الضوء إلى أزقة الكواكب تلك… ولكن أنت يا ترى…متى ستجيء لتعلم الساعة احترام الشوق …ولتبعث الكواكب عبر فضاءات الروح إلى بصر غاب عنه من استقر في القلب…بوصلة تائهة وركب مسافر…فلا البوصلة تدل المسافرين على الطريق ولا الركب يدرك وجهته بدونها…هكذا نحن قوس وكمنجة…مطر وأرض…ضوء وبصر…روح وجسد.. فلا اللحن لحن بلا التقاء الكمنجة والقوس… ولا الأرض تخضر بدون عطاء السماء… ولا العين تبصر في الظلمات… ولا الجسد يحيا بلا روح… لهذا كنا نحن…أنت وأنا…مفردتان لا تكاد تكفيهما حروف اللغة… وقصيدتان نظمتا على نار العشق الدافئة فكانتا رحيقا لآلاف الورود…ودماءً لمئات الأوردة والشرايين. .
لست أنا تلكم الأنثى التي تترك قائمة احتياجاتها على حافة المنزل…ولا أنت الرجل الذي لا يجيد سوى دور المعلق الساخر الذي لا يستوقفه جميل…
هكذا نحن سيمفونية نادرة حدثت حين اجترار ذكرى….أو نيزك أشعل الأرض بمجيئه نوراً فأضاء مساحات الليل عبر أسلاك الظلام..
طفلة أنا نسيت قلمها الصغير تحت مقعدها …فظلت تبحث عنه حتى نضجت…أو صبية اعتادت على مرآة غرفتها التي ترى عبر انعكاسها ذلكم الفارس الذي يملأ أحلام الفتيات…أو أنثى تخذت زينتها من ابتسامة من تحب.. أو الثلاثة معاً…وظننتك القلم الصغير فوجدتك المقعد الذي احتوى قلمي وحلمي..وظننتك ذلكم الفارس الشجاع فإذا بك المرآة التي تقرأني ذات كل صباح…وظننت ابتسامتك معبر الروح إلى حبك…فإذا بك الحبيب الذي يوزع الابتسامة على طرقات أحزاني كلما اغتال فرحتي فقرها…
لذا لملمت أحلام طفولتي ولحظات صباي ومعالم نضوجي تلك وأودعتها في زاوية منك…لم أنتبه لها …فلربما كان جيب سترتك البيضاء تلك.. ولربما كان الأورطي الذي تنساب عبره نبضات روحي إليك.. ولربما كان ذلك الزجاج الذي عبر ببصرك إلى حين التقينا…
هكذا … تعود الساعة لذات الصوت…والكواكب تومض وتختفي مثل فتى مشاكس يشعل الفوضى بأطراف الحي…وأعود أنا أدراجي لتعلن الساعة تمام الكاملة شوقاً… منتصف الدمع…