هل أصبح (الصيوان) من التراث ؟!…
سؤال أجابت عليه (المجهر) بتجوالها في شارع الأفراح
الخرطوم- ميعاد مبارك
(الفرحة بيت وأهل) مقولة سودانية عتيقة فلا تكتمل الأفراح إلا بلمة الأهل والأحباب والمبيت أياماً وليالي في بيت المناسبة. التقاء الأعمام والخيلان والعمات والخالات داخل الصيوان المنصوب من أول الشارع إلى آخره الذي كان علامة بارزة في بيوت الأفراح حتى وقت قريب، فهل يستطيع الصيوان الصمود في ظل انتشار الصالات المغلقة ؟!..وحتى نجيب علي هذا السؤال قامت (المجهر) بهذه الجولة بأشهر شارع بضاحية بري (شارع ناصر) الذي استحق لقب شارع الأفراح لما فيه من تجمع لمحلات خدمات المناسبات.
الأب الروحي لشارع المناسبات
كانت بدايتنا بالعم “عباس صافي عباس” وهو الأب الروحي لشارع الأفراح، وكما عرفنا أنه وبدعم وتشجيع من أخيه افتتح أول محل مناسبات “عام 1984” لتتجمع بعد ذلك حوله المحال ليتحول شارع ناصر إلى شارع مناسبات مشهور يلبي احتياجات وخيارات الجميع. عم “عباس” ابتدر حديثه قائلا: (نؤجر جميع مستلزمات الأفراح من الصيوان والكوشة والكشافة إلى الكباية والجك والحفاظة، وفي السابق كنا لا نستريح من كثرة طلبات المناسبات فهذا تخرج وذلك “بارتي” وهذا حفل زواج حتى”سيد الرايحة” لمن يلقاها بعمل حفلة أما الآن سوقنا وقف تماماً مع دخول الصالات وشركات تنظيم المناسبات المنافسة، رغم عزوف الناس عنهم سابقاً لتجزر وارتباط الاحتفال بالبيت إلا أن المجتمع تغير والطباع اختلفت وانقلبت الآية).. ضحك قليلا ثم أردف قائلاً: (بعد دا لو (البكى) عملوه في صالة إلا نطبل محلاتنا ونشوف لينا شغلة تانية!).
سوق الصيوانات إلى زوال ..
سألناه هل فكروا في حلول لإنقاذ المهنة و(الكار) في ظل هذه الحداثة فرد علينا العم “عباس” بنفس الابتسامة: (الأرزاق دي متحوطة!… وكل زول الله أداه شغله معينة والتغيير صعب في ظل غلاء المعدات ومحدودية رأس المال وحتى لو فكرت في عقد شراكات مع بعض أصحاب الأموال فلن يصبروا على شغل المواسم بتاعنا دا)، مؤكداً (أنه من الأفضل أن يتجهوا إلى مشاريع مربحة فسوق الصيوانات إلى زوال).
صوروا العدة المغبرة دي!…
يوافقه الرأي “علي يوسف” صاحب محلات “الصقير” مضيفاً: (في السابق كنا نشتري المعدات من الموردين ونسدد من أرباح المناسبات أما الآن فنحن مطالبون وفي ظل الالتزامات الأسرية وضغوطات المعيشة أصبحنا نلقي معداتنا بتراب القروش)، مؤكداً (أن تركيب الصيوان ونقل الأغراض والعمال والترحيل وغيرها الكثير من التكاليف تضع بيننا وبين أي تقدم ألف حاجز فالصالات ميسرة ويمكن تجهيزها قبل ساعة من المناسبة). وأشار ساخراً إلى الأواني المغبرة التي تملئ المكان قائلاً: (صوروا العدة المغبرة دي عليكم الله يا أساتذة). حتى تنقلوا الحال التي وصلنا إليها.
الصوان سيبقي في مشهد الأفراح
وخلال جولتنا لشارع الأفراح بضاحية بري ناصر التقينا بعدد من المواطنين اخترناهم لطريقة عشوائية لنستطلعهم في مضوع جولتنا والسؤال المطروح فيه (هل يستطيع الصيوان الصمود في ظل انتشار الصالات المغلقة) أول إفادة أخذناها من المواطن “عبد الماجد فضل” موظف وجدناه داخل إحدى محلات الأفراح فرد على تساؤلنا بصورة عملية قائلاً: (أنا هنا لإيجار صوان لفرح أخي الأصغر) وأضاف: (على الرغم من انتشار صالات الأفراح ولكن صيوان الفرح مازال مطلوب عند الكثير من الأسر السودانية التي مازالت تحافظ على العادات والتقاليد القديمة والتي تحول مناسبات الأفراح إلى ملتقى يجمع الأقارب والجيران) .. أما “نفيسة الطاهر” ربة منزل استوقفناها عند مرورها العابر فقالت: (الصيوان لم يعد عملياً في هذا الزمن الذي أصبح كل الناس فيه على عجل من أمرهم فالصيوان تتبعه ملحات ومستلزمات كثيرة ويأخذ زمناً في التركيب والترتيب وكل ذلك اختصرته الصالة).
الزفة ورقصة (الإسلو) وتقطيع التورتة
“سعد محمد عثمان” أعمال حرة، يرى أن الصيوان سوف يصمد ويحافظ على بقائه في مشهد الأفراح رغم ظهور الصالات خاصة عند الأسر الممتدة في المدن لأن الفرح يبدأ بالقيدومات في البيت الكبير وينتهي بالصالة.. “مودة حسين” طالب بجامعة الرباط قالت إنها مع الحداثة والتطور وترى أن الصيوان انتهى ولم يعد الحاضن لليلة العمر لأن طقوس الفرح دخلت فيها تفاصيل كثيرة مثل الزفة ورقصة (الإسلو) وتقطيع التورتة وكل هذه الأشياء تحتاج لأماكن مهيأة لذلك مثل الصلات والفنادق).