أخبار

شوق "حمور"

“حمور زيادة” روائي مغمور لا يعرف في السودان إلا ثلة من مرتادي مقهى بائعة الشاي “حليوة” في شرق الخرطوم، وبعضاً من مجالس المثقفين (جيل الرفض) الذي يسمي نفسه بجيل الثورة والتغيير.. “حمور زيادة” لا تسجل له الصحافة السودانية شهادة في أوراقها ككاتب قصة أو روائي مثل آخرين من جيل ما بعد “نفيسة الشرقاوي” و”يحيى فضل الله”.. وحتى “عبد العزيز بركة ساكن” الذي غادر السودان للنمسا وضاع ما بين مسيح دارفور وكمبو كديس.. والجنقو مسامير الأرض.. و”بركة ساكن” نصب نفسه نصيراً للمهمشين والمعذبين في الأرض، وحدد جمهوره الذي يكتب من أجله، فقال بلسانه هم الطلبة المشاغبون.. والشحاذون.. وبائعات الخمور البلدية والداعرات والمثليين. وأضاف إليهم جنوداً يساقون إلى حرب لا يعرفون عنها شيئاً.
اختار “بركة ساكن” بكل مواهبه أن يكتب لمن حددهم مسبقاً ولم يذكر المثقفين والعمال.. والمزارعين والصوفية وأساتذة الجامعات والقوى الحديثة في المجتمع.. وأهلنا لديهم مثل يقول (الإنسان مخير في بناية بيتو وتسمية وليدو). واختار الروائي الأديب “حمور زيادة” ملاطفة المصريين ومجاملتهم.. وترفيع شأن المستعمر المصري والإنجليزي والحط من قدر الوطني المجاهد المنافح عن عزته وكرامته ووطنه ودينه.. و”حمور” الآن يجد الاحتفاء في الدوائر المصرية المعلنة والخفية.. الأدبية والمخابراتية بعد أن كتب رواية شوق (الدرويش) الصادرة عن دار العين في القاهرة.. وتذهب إليه جائزة “نجيب محفوظ” تبحث عن السوداني الذي مجد الاستعمار المصري.. وللروائي (المصري) الهوى والعشق يبدأ في الصفحة الثانية متحللاً من أية ملابس تستر عورته الوطنية، حينما يصف وصول المستعمر المصري الإنجليزي لأم درمان ويقول: (السجناء في أم درمان يهنئون بعضهم بعضاً أحدهم يضرب على كتفيه ويصرخ) أخيراً الحرية يا “بخيت”، واسم “بخيت” له دلالاته في زمان غير هذا الزمان. ويمضي “حمور” في خيباته في ذات الصفحة ويقول: (أتتهم الحرية أي السودانيين على بوارج الغزاة وخيولهم في سبتمبر 1898م، مع دخول الجيش المصري للبلاد وانكسرت دولة المهدية.
“زيادة حمور” يقف شاهراً (قرعته) متسولاً ود المصريين طاعناً في شرف الدولة المهدية التي حرمت المريسة ومنعت التمباك وأغلقت بيوت الدعارة وجعلت للسودان اسماً وللوطنية قيمة، وتداعى لنصرة الإمام “المهدي” والخليفة “ود تورشين” أهل الشرق والغرب والوسط.
إلا أن الروائي “حمور زيادة” يقول عن سقوط الدولة المهدية في سفور جارح لأجداده، إن كانوا من الوطنيين الذين ناهضوا المستعمر المصري البغيض والمستعمر الإنجليزي الأبغض وقبلهم الترك.. قال روائي الزمان الأغبر منذ يومين سقطت المدينة وبلغ السجناء أن خليفة “مهدي الله” وقادته فروا ودخل المصريون أم درمان، وجاء إلى السجن جماعة من النصارى والمصريين وأطلقوا سراح بعض من يعرفون ومن أكابر الناس وتركوهم أحراراً.
المصريون يعرفون من هم في سجن السائر تلك حقيقة إذن أن السجناء الذين يصفهم “حمور” بالأحرار ما هم إلا عملاء و(بصاصين) كانوا ينخرون في عظم المهدية، حتى تهاوت دولة التحرر الأولى وقاوم الأنصار بصدق (الباشبزق) والرقيق القادمين مع أسيادهم.
يمجد السيد “حمور زيادة” سادته المصريين ويبرر دخولهم غزاة أرض السودان لتحريره من المستعمر المهدوي لينال رضاءهم، وجائزة لم تذهب لأي روائي سوداني من قبل ولكنها جاءت تجرجر عارها وثيابها المتسخة لتستقر في أحضان كاتب مغمور له موهبة في التزلف والرياء.. والمشي عارياً في الشارع والجنيه المصري ملتصق ببطنه ولا يأبه لضحك المارة وقهقهات سادته.. وكم من أديب باع ملابسه الداخلية بقطعة خبز تالف وكوب يجرعه في هجعة الليل لعلاج اليأس والإحباط.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية