أخبار

الملحقيات والترضيات

كلما بدلت الحكومة موظفيها في الأجهزة الإعلامية بالانتقال من موقع لآخر.. وغنم البعض وظائف مديرين ونواب مديرين وخرج آخرون من الوظائف.. تمدد الحديث في الصحف عن تعيينات في الملحقيات الإعلامية في الخارج والتي يعتبرها البعض فرصة العمر لإصلاح الحال وبناء البيت.. واستشراف المستقبل.. وتعليم الأبناء.. وتلبية رغبات الزوجات.. وتنتهج الجهات العديدة المسؤولة عن ترشيح وتزكية المحظيين بالهبات الوظيفية سياسة الاسترضاء والاستلطاف في تزكية المبعوثين الإعلاميين.. هؤلاء بعضهم لا ينتمي للإعلام إلا وصيفاً .. مثل موظفي العلاقات العامة الذين (استحوذوا) على بيوت إسكان الصحافيين وشيدوا العمارات السوامق.. بينما غمار الصحافيين يكابدون للحصول على رواتبهم من الصحف المتعثرة.
{ في السودان سادت عقلية الغنائم والمغانم.. إذا تم إعفاء مسؤول عن وظيفته تتقافز الأسئلة إلى أين يذهب فلان؟؟ كأن هؤلاء ولدوا في كنف الوظائف الحكومية.. وتعدد الملحقيات الإعلامية في البلدان الأفريقية والعربية والآسيوية وهي ملحقيات فارغة المحتوى لا تؤدي أي عمل ذي شأن ومهمة لصالح السودان الذي تتعرض صورته للتشويه بحق وبغير حق، ولا تملك تلك الملحقيات فكرة ولا رغبة ولا طموح في المساهمة في درء مخاطر الإعلام المعادي.
وتنفق الدولة على هؤلاء الملحقين الإعلاميين آلاف الدولارات ولا يؤدون أية مهمة لصالح بلادهم.. في إثيوبيا عينت الحكومة ملحقاً إعلامياً بمخصصات كبيرة.. وسيارات.. ونثريات وموظفين محليين.. ولكن الملحق الإعلامي آخر من يعلم حتى بوصول المسؤولين في حكومته، ولا يهتم حتى بمفاوضات السلام التي تجري جولاتها في فنادق “أديس أبابا” ولا تجده في مقر التفاوض إلا عند زيارة السيد السفير لمقر المفاوضات، حيث يصبح الملحق الإعلامي موظفاً تابعاً للسفير. .وفي أثناء مفاوضات السلام في “نيروبي” كانت السفارة المصرية قريبة جداً من مقر التفاوض.. ويومياً يقطع الملحق الثقافي الإعلامي المصري المسافة بين “نيروبي” و”نيفاشا” جيئة وذهاباً من أجل الحصول على المعلومات، بينما السادة الدبلوماسيين في سفارتنا ينعمون بمناخات “نيروبي” الباردة.
وللسودان الآن ملحق إعلامي في جنوب أفريقيا كان منتظراً منه على الأقل كتابة مقال عن الزيارة المرتقبة للرئيس “جاكوب زوما” للسودان مقالاً تعريفياً بطبيعة العلاقات بين الدولتين، وليس عن مضمون ما جرى التفاوض بشأنه في الخرطوم بين الرئيسين.. لأن ذلك ربما لا يكون من اختصاصات السيد الملحق الإعلامي المحترم.
وفي كل يوم تتفتق عبقرية المسؤولين إلى فكرة إنشاء ملحقيات إعلامية في الخارج دون التفكير ولا مرة واحدة في تحديد مهام لتلك الملحقيات وجرد حساب الكسب والخسارة من وجودها وجدواها، وإذا كان الملحق الإعلامي مهمته قراءة الصحف ومتابعة الفضائيات في دولة المقر.. وكتابة التقارير إلى رئاسة الوزارة في الخرطوم فتلك مهمة يستطيع القيام بها أي موظف في السفارة، خاصة وأن كثيراً من سفاراتنا تفيض بالعمالة الزائدة.. والوظائف غير المهمة.. ولو كانت سفارات السودان تعمل بهمة ونشاط لما تعرضت صورة البلاد لهذا التشويه.. ولما اضطر القصر لسد ثغرات خارجيتنا بدبلوماسية (الرئاسة).. فإن تعيين ملحقين إعلاميين جدد لا يعدو هدراً للمال العام وخزانة الدولة تشكو أصلاً من نقص اليورو والدولار؟؟ والسادة المحظيون من موظفي الحكومة يمكن مساعدتهم بغير وظائف الملحقين الإعلاميين على حساب ميزانية البلاد.. وإلا أقنعونا بأن هؤلاء الملحقين يعملون لصالح البلاد والعباد.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية