شهادتي لله

(الجنائية).. و(الأفريقية)..لا يُلدغ المؤمن من جُحر مرتين

 قرار قمة الاتحاد الأفريقي أمس الأول بتعليق إجراءات المحكمة الجنائية تجاه السودان  ومطالبة مجلس الأمن الدولي بسحب الملف من المحكمة، هو بلا شك مكسب دبلوماسي مقدر ورصيد إضافي في حساب الحكومة ووزارة الخارجية.
غير أنه من المهم الانتباه والتروي وعدم الاندفاع تجاه تأسيس ودعم مشروع ما يُسمى بـ(المحكمة الأفريقية)، فأخشى أن تكون (شََرََكاً) جديداً.. وسيكون عسيراً جداً على السودان ودول أخرى الخروج منه هذه المرة.
فقد لا يعلم الكثير من ساسة وقانونيي بلادنا أن السودان كان من أكبر الداعمين والمتحمسين بقوة لفكرة المحكمة الجنائية الدولية (I.C.C) في بداياتها!!
فقد كانت حكومتنا – وقتذاك – ومعها بعض حكومات العالم (المتحرر) والثائر في وجه النظام العالمي الذي كان جديداً، تظن – وبعض الظن إثم – أن المحكمة الجنائية ستلاحق المجرمين والقتلة من جنود وضباط جيوش (الإمبريالية العالمية) الغازية لأفغانستان والعراق والمتورطة في حروب الصومال. ودعمت دول أوربية الفكرة من منطلقات مختلفة، ولم توافق الولايات المتحدة الأمريكية على نظام المحكمة وميثاقها ولم توقع ولم تصادق عليه.. حتى الآن!!
دعونا نتريث في إطلاق زغاريد الفرح، ونكتفي بتحية الاتحاد الأفريقي، وتهنئته على القرار الشجاع، ودعمه للمضي قدماً في خط الانعتاق من القبضة (الأمريكية – الأوربية)، وفي الوقت ذاته يجب أن نعلم أن هذا الاتحاد ما زال غض الإهاب، معرض للضغوط والابتزاز.. و(قابل للكسر).
صفقوا للقرار، ولكن لا تنجرفوا وراء الدعوة لقيام (محكمة أفريقية) بديلة للجنائية، ليأتي قضاتها (موجهين) من كينيا أو يوغندا أو سيراليون، وتعلمون مستوى استقلالية القضاء، وشفافية الأنظمة، وحجم الفساد المستشري في غالب دول القارة السمراء بما في ذلك سلك القضاء وأجهزة العدالة .
حسناً فعل الاتحاد الأفريقي.. وليتابع ممثلوه قراره في أضابير مجلس الأمن بنيويورك،  حتى لا يصبح ورقاً تذروه الرياح.
أما موضوع المحكمة الجديدة فلنقل لهم: (لحدي هنا.. وخلاص.. سعيكم مشكور).

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية