(النيل الأزرق).. (بيع) حقوق الشعب السوداني!!
إنشاء المؤسسات الإعلامية عمل عسير، وليس نزهة بأي حال من الأحوال، حتى بالنسبة للدولة التي أنفقت من قبل مليارات الجنيهات على صحف كسدت وفضائيات وإذاعات لم يحالفها النجاح.
ولهذا يبدو غريباً بل مزعجاً جداً الاتجاه الذي تقوده الإدارة الجديدة للهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون ومن خلفها وزارة الإعلام لـ(بيع) نصيب الحكومة في الفضائية الأنجح قناة (النيل الأزرق)، وهو ما نسبته الآن (30%) أو أكثر .
ما هو العبء المالي والأدبي الواقع على الحكومة من وراء شراكتها في هذه الفضائية ؟! وهل هي قناة خاسرة وغير مشاهدة؟!
الحقيقة أن الحكومة تحقق مكاسب عديدة من وجودها في (النيل الأزرق) دون أن تدفع (قرشاً) واحداً نظير تلك الفوائد، بل إنها جنت (أرباحاً) تم تحويلها لحساب الشركاء بما فيهم مجموعة (دلة البركة- ART) ، حسبما أكد لي الأخ الأستاذ “محمد حاتم سليمان” مدير التلفزيون، رئيس اللجنة التنفيذية السابق لقناة (النيل الأزرق).
ولا يعني شراء رجل الأعمال السوداني المعروف “وجدي ميرغني” لأسهم المستثمر السعودي الشيخ “صالح كامل” – أكثر من (50%)، انسحاب الدولة ونفض أياديها من هذا المشروع الإعلامي الأكثر تأثيراً في ساحة الفضائيات حتى الآن.
هي ليست (ميدان كورة) وسط حي سكني أو قطع أراضٍ تابعة للولاية لتعرض في مزاد علني، ثم إن المبلغ الذي سيعود على التلفزيون القومي من عائد (البيع) سيكون أقل من (مليون دولار) باعتبار أن صفقة الـ(54%) كانت قيمتها (مليون ونصف المليون دولار)، فهل حكومتنا محتاجة لمليون دولار، تروح (شمار في مرقة) على قوائم مديونيات التلفزيون ومن بينها حقوق العاملين؟! و(كم) مليون دولار.. و (كم) من السنوات تحتاج وزارة الإعلام لتأسيس وإنجاح قناة فضائية جديدة على نمط (النيل الأزرق)؟!!
من قبل تحرك (السماسرة) لإقناع الحكومة ببيع أنصبتها في مؤسسات (لا) تباع، مثل بنك الخرطوم، والبنك العقاري، وسودانير، وأسهم (سوداتل) في شركة (موبيتيل)، وغيرها من المؤسسات الناجحة، وقبضوا الثمن، وقبضت الدولة الريح، فكان نزيف اقتصادنا الوطني الذي ما يزال نازفاً!!
على قيادة الدولة أن تستبدل ممثلي وزارة الإعلام في مجلس إدارة قناة (النيل الأزرق)، إذا لم يكونوا جديرين بالحفاظ على حقوق الشعب السوداني في قناة (الفرح) التي صنعتها من العدم كوادر التلفزيون القومي ابتداءً من ”بابكر حنين” وانتهاء بالكادر العامل الآن من مصورين، مخرجين، برامجيين، مذيعين وإدرايين.. لهم جميعاً التحية والتقدير.