الحوار.. الانتخابات.. وناس (قريعتي راحت) !!
ليس من الحكمة بمكان ربط المشاركة في الحكومة القومية القادمة، أو أي تسوية سياسية محتملة بالمشاركة في الانتخابات.
المفروض أن السيد الرئيس “البشير” وقبله حزب (المؤتمر الوطني) الحاكم يبحثان عن (رخصة) التفويض الشعبي وتجديد (الشرعية الانتخابية) لاستخدامها إلى أقصى درجة ممكنة في تحقيق أعلى نسبة ممكنة من التوافق الوطني بين القوى السياسية السودانية. إذ إنه لا معنى من إخلاء المؤتمر الوطني لـ(30%) من الدوائر الانتخابية لأحزاب (متحالفة) معه، ثم من بعد ذلك (يحتكر) لها مواقع الجهاز التنفيذي، مثل اللاعب الحريف الذي يمرر الكرة لنفسه.. ثم يتخطى المدافعين ويحرز هدفا في شباك الخصم.
قيادات المؤتمر الوطني تعلم علم اليقين، أن غالبية هذه الأحزاب مجرد (لمة) محدودة، لا أثر لها ولا وجود خارج قاعة الصداقة بالخرطوم حيث كانت تلتئم لقاءات الحوار الوطني!! وقد حدثني من أثق فيه من رؤساء الأحزاب أنه فوجئ في لقاء (المائدة المستديرة) بالقاعة بسكرتيره السابق يحتل مقعداً أمامياً حول الطاولة، فانتظر نهاية البرنامج، ثم قصده سائلاً ومتعحباً: (يا فلان.. الحكاية شنو؟!!) فرد عليه السكرتير السابق الذي لم يمض على فراقهما (ثلاث سنوات): (أنت ما عارف؟!.. أنا عملت حزب ال…) !! يواصل محدثي: (تجاوزته فسألت الذي كان يجلس خلفه في مقعدي الحزب وأنا أعرفه: (يا أخ فلان.. انت الجابك هنا شنو؟!).. جاءته الإجابة عاجلة وصادمة: (أنا عندي أمجاد جبت أخونا دا هنا.. وقال لي خش معاي عادي… وح تقعد وراي وحتشوف الليلة قيادات البلد كلها)!! وقد كان !!
فترة ما بعد الانتخابات ينبغي أن تكون (شوط ثاني) لإنجاز ما لم ينجز في شوط الحوار (الأول)، وفرصة ذهبية لتقديم (عرض سياسي) أفضل، من العرض (المتاح) الآن .
وإذا لم يكن الأمر كذلك، فماذا ينتظر الشيخ “الترابي” وحزبه (المؤتمر الشعبي) – مثلاً – ما دام أنه مقاطع للانتخابات، ومستمر في الحوار، ولكنه ممنوع من (التسوية) المقبلة ودخول الحكومة القومية؟!!
هل البطاقة المؤهلة للمشاركة السياسية القادمة في البلاد هي الاستمرار في آلية الحوار كما يفعل (الشعبي).. أم المشاركة في الانتخابات وليس مهماً دورك في الحوار ودفعه إلى الأمام ؟!
أكاد لا أفهم.. !!
كثيرون مثلي.. (رايح ليهم الدرب في الموية).. ناس الحوار.. وناس الانتخابات.. وناس ( قريعتي راحت) !!