من مسودات الحكم
يضرب الله الأمثال للناس في القرآن الكريم لعلهم يعقلون ويتدبرون ويتفكرون، وضرب الأمثال للعبر والدروس.. ويخاطب الله سبحانه وتعالى الناس أجمعين.. ولا يخص المؤمنين بالأديان السماوية كافة ولا المسلمين منهم خاصة، فالعبرة لأولى الألباب لعلهم يعقلون. وتجربتنا السابقة في الحكم اللامركزية بها الكثير من العبر والدروس لإخفاقاتها الكبيرة ومساوئها التي لا تخفي على العين البصيرة.. وبعض من نجاحات لا تنكرها إلا عين غشيها الرمد وقلب لا يبصر حقائق الكون..!!
وفي التخوم البعيدة والمحليات النائية البعيدة عن رقابة المركز وعيون الصحافة يفعل صغار موظفي الحكم اللامركزي بالناس ما يروق لهم وينثرون الأكاذيب في الفضاء الطلق.. ويزعمون الفتن ما ظهر منها وما بطن.. وباسم المؤتمر الوطني الحاكم يذبحون العدالة من الوريد إلى الوريد وفي رابعة النهار الأغر والمؤتمر الوطني بريء مما يفعلون.. وحتى الولاة الذين يعينون المعتمدين والوزراء تغيب عن بعضهم سلوكيات بعض المعتمدين.. ولنا في فتنة صنعها بطل من أبطال الحكم اللامركزي عبرة لأولى الألباب الفتنة التي زرعها معتمد لمحلية القوز بجنوب كردفان في بطون قبيلة كبيرة مثل كنانة خرج من صلبها أفذاذ الرجال والعلماء مثل البروفيسور “إبراهيم نورين” مدير جامعة القرآن الكريم الحالي، وضباط في القوات النظامية ومقاتلين كتبوا تاريخاً في السجل العسكري.. لوطننا الحبيب.. مات عمدة قبلة كنانة.. واجتمعت الأعيان لاختيار خليفته.. تم ترشيح ابن العمدة.. وقيادي آخر من القبيلة الشيخ “هاشم فضالي”.. تم تكوين لجنة انتخابات ضمت المدير التنفيذي للمحلية وأمير القبيلة “بقادي محمد حماد”.. ووكيل النيابة والجهاز القضائي.. وجاء الشيوخ من كل حدب وصوب لاختيار عمدتهم بالديمقراطية المفتوحة.. حاز المرشح “هاشم فضالي” على (22) صوتاً وحاز ابن العمدة “سعد” على تسعة أصوات.. وأقبل الناس على بعضهم يهنئون أنفسهم.. إلا المعتمد كان يعتمر في نفسه شيئاً آخر.. رفض الاعتراف بالنتيجة ولم يستجب لنصائح مدير وحدة جهاز الأمن.. سلب حق الفائز جهراً بحجة أن الفائز قد دعم في آخر انتخابات جرت مرشح المؤتمر الشعبي “إبراهيم الكناني”.. وفي ذلك الوقت المعتمد نفسه كان ناشطاً في المؤتمر الشعبي ولم ينضم إلى (الوطني).. تم تعليق نتيجة الانتخابات.. وحينما طال الانتظار شهوراً وليالي التقى أبناء كنانة في الخرطوم بالوالي “آدم الفكي” الذي أنصفهم وأمر بإعلان الفائز فوراً.. وقال إن الذي تأتي به الانتخابات هو القوي الأمين.. ولكن تحت الوالي سواهي ودواهي.. والمعتمد يماطل مثابراً بمن حوله من الذين يزينون له البطال حقاً.. حتى نشب الخلاف عميقاً وتجزر في بطون القبيلة، ولولا حكمة بعض رجالها وصبر شبابها لأزهقت أرواح بسبب فتنة المعتمد وسوء تدبيره ومكر تخطيطه.
الواقعة الثانية التي بطلها ذات المعتمد هي فضيحة أراضي مدينة الدبيبات حيث خطط المعتمدون السابقون لخطة إسكانية لاستيعاب أكثر من ألف أسرة.. وبعد إجراء المسوحات وتحديد المواقع التي سيتم توزيعها للمواطنين.. جاء المعتمد ومعه وزير التخطيط العمراني المهندس “إبراهيم جقر” بفرية توجيهات الرئيس “عمر البشير” بمنح الدستوريين في الحكومة أراضي تخصيص درجة أولى.. اختار المعتمد واجهة الشارع الرئيسي وخصص خمس قطع سكنية درجة أولى للدستوريين في كل ولاية جنوب كردفان.. تم (فرش الخارطة) على الأرض لينتقي منها المحظيون ما يروق لهم من القطع السكنية بسعر أربعة آلاف وخمسمائة جنيه للقطعة الواحدة. وتم الإعلان عن بيع أراضٍ بالمزاد العلني في إذاعة الأبيض أي شمال كردفان.. وبعض واجهات المحلات التجارية بالسوق.. وبيعت ست عشرة قطعة أرض فقط بسعر القطعة (12 – 16) ألف جنيه أي أن الدستوريين نالوا أكثر من المستثمرين والأهالي، وتم إيقاف بيع الأراضي.. وللأمانة والتاريخ رفض الوالي “آدم الفكي” أن يتم منحه قطعة أرض ضمن أراضي الدستوريين، كما أن الوزير “سلمان سليمان الصافي” رد منحة المعتمد، وقال إنه لا يريد قطعة أرض قبل أن ينال كل مواطن حقوقه كاملة.. وقد عرض على كاتب المقال أن يمنح قطعة أرض مثل الدستوريين بأربعة آلاف وخمسمائة جنيه ولكني رفضت العرض لينال كل مواطن تقدم بأوراقه قطعة أرض في وطنه ولكن تماسيح الأراضي لن يتركوا شيئاً.. تلك شذرات من سلوك معتمد واحد وفي منطقة نظرياً تقع في دائرة الضوء.. وتحت السواهي دواهي.. وفي قادم الأيام نكتب.