شهادتي لله

(العام ) فوق (الخاص) في حضرة والي الخرطوم

من إيجابيات الأخ الدكتور “عبد الرحمن الخضر” والي الخرطوم أنه منفتح على الآخر بصورة جيدة، والآخر هذا قد يكون صحفياً، وقد يكون سياسياً من حزب آخر، أو رمزاً مجتمعياً أو مواطناً عادياً .
كلما زارنا الوالي اجتماعياً استغللنا الفرصة للحوار معه في قضايا البلد، وهموم الناس، وتقديم المقترحات والدفع بالحلول ما أمكن. لا طلبات خاصة نطرحها على سيادته، فلا مشكلة سكن تواجهنا، ولا نسعى لوظيفة، ولسنا مدينين لبنك أو مؤسسة أو فرد والحمد لله باسط النعم.
في آخر زيارة للسيد والي الخرطوم لمنزلنا المتواضع بمدينة الثورة، رفعنا له شكوى المواطنين من كثرة حوادث السير بشارع الأبراج الرابط بين شارعي الوادي والنيل بمحلية كرري، بسبب حالة الإظلام التي تضرب هذا الطريق الحيوي ليلاً، وقد أصبح المنفذ الرئيسي للقادمين والعابرين من وإلى شمال كرري بأريافها وحاراتها، وصولاً لمدن أم درمان وبحري والخرطوم مروراً بامتداد شارع النيل.
تجاوب الوالي مع الشكوى فوراً، وهاتف مباشرة ودون تسويف من جلستنا وزير البني التحتية المهندس “أحمد قاسم” موجهاً بتوفير الأعمدة الخرصانية، بينما التزم  معتمد كرري بتجهيز لمبات الإنارة من موارد المحلية. ولا شك أنه مشروع مهم يحفظ أرواح بشر ويؤمن سكان المنطقة ويحيل ظلامها ضياءً، وعتمتها نوراً .
في ذات الجلسة، ناقشنا الوالي بحضور معتمدي الخرطوم الأخ اللواء “عمر نمر”، وكرري الأخ “الصادق محمد حسن”، في أسباب أزمة المواصلات بولاية الخرطوم وسبل الحلول .
الوالي يعتقد أنها مشكلة نقص (مواعين)، ومع تسليمنا بذلك فقد كان رأيي أنها أزمة إدارة وتنظيم في المقام الأول، وأنا استند في رأيي إلى خلفية عمل شعبي قاعدي مارسته مطلع تسعينيات القرن المنصرم، عندما عملت بتنسيق باللجان الشعبية بأم درمان، وكانت حينها تقوم بكل وظائف الخدمة العامة في المدن والأحياء. قلت لدكتور “عبد الرحمن الخضر”: أنظر لمواقف المواصلات بعد الساعة العاشرة صباحاً وحتى وقت العصر، ستجد آلاف الحافلات والبصات متكدسة في المواقف، وما أن يحل وقت (المغرب) حتى يفاجأ الجميع بخلو المواقف من المركبات!! والسبب عندي أن السائقين حققوا (الربط) أو جمعوا (الإيراد)، ولا حاجة لهم من بعد ذلك للعمل ليلاً!! وهنا يكمن دور الإدارة المختصة (النقل العام والبترول) والنقابة، إذ أن المفروض أن يتم توزيع (القوة) الكاملة للنقل بين ساعات اليوم، صباحاً . . نهاراً .. وليلاً  مع وضع اعتبار لأوقات الذروة .
لكن الواقع يقول إن أمر المواصلات، وبحجة أن المتحكم فيه (القطاع الخاص)، مطلوق دون نظام وتنسيق محكم، عكس ما نرى في قطارات مترو وبصات بريطانيا وألمانيا وغيرها من بلاد العالم المتقدم، وهناك ما زالت الدولة تدير النقل والمواصلات!!  في أوربا . . نظام المواصلات هو المعجزة . .هناك تعلو معايير (الكيف) وليس (الكم)!!
كان حواراً مفيداً، ولو أن كل مواطن، رجل أعمال، سياسي،  موظف أو عامل  استغل المقابلات الاجتماعية مع أي مسؤول كان في الدفع بقضايا المجتمع، وإعلاء (العام) على (الخاص)، رغم قناعتي بأهمية المؤسسات والمؤسسية، لتغيرت الكثير من أحوال البلد . .  سياسياً واقتصادياً . .  وخدمياً.
نحتاج أن نحيي الوالي على هذا الانفتاح الموجب.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية