سيرة مدن وأماكن حبيبة.. شكلت أغنيات للحبيبة
أشهرها “أم درمان” “كسلا” “عطبرة”
تقرير – آيات مبارك
أكثر ما يمكن أن يفعله شاعر ضجراً وشوقاً أن يقيم ليالي الهجران ويتجه خياله صوب (ديار المحبوبة) سيراً على الأقدام أو يسري بوحي خياله المتهور ليس ليفلح برؤيتها فقط بل والسكن معها وترك دياره حتى يجد مخرجاً من تقلبه بين جمرات الشوق ومجاورة محبوبة ممعنة في الدلال.. وعلى أثر هذه الأغاني تهفو قلوب الكل تجاه تلك المدن التي تنتقل بنا من مدينة إلى أخرى.. فقد عكست بجلاء واضح حياة المدن ومحتواها.. ولم ينحصر هذا النوع في ضرب معين من الغناء.. بل أكثر ما تم وصفه من الأغنيات الشعبية بكل الألحان والأنواع مثل أغاني (المردوم) و(الجراري)، فقد لاقت الأغنية التي قامت بأدائها الفنانة “نانسي عجاج” (أندريا) لو ما الصبر تكليف من بيتكم ما بقيف.. ولولا كلام الناس برحل معاك خمباص) ومن أغنيات البنات.
شوفة ورحيل
تناولت الأغاني السودانية العديد من سيرة المدن والمناطق أشهرها “أم درمان” البقعة ومعقل الوطنية و”الخرطوم” جنة رضوان و”كسلا” أرض الحبايب و”كوستي” (الأسكلا) بمحطاتها و”عطبرة” الحلوة وقطار شوقها و”مدني” أرض الطيبين و”شندي” بلد الجمال وغيرها من المدن والأماكن الحبيبة التي وثقت لها الأعمال الإبداعية وورد ذكرها في العديد من الأغاني واستحوذت على معظم الأغاني.. لكن فكرة ترك الديار والاتجاه صوب المحبوبة والبقاء جوارها أثبتت شجاعة عاشق لا يعي ولا يدرك ما سيلاقيه من عناء وصل في زمنٍ مضى.. لذلك وجدت رائعة “الحلنقي” (حبيت عشانك كسلا.. خليت دياري عشانك) قبولاً واسعاً عند العاشقين الذين لا يجدون طريقاً للوصل، فقد ترك دياره متتبعاً خطى فؤاده صوب ديار محبوبته، ممنياً نفسه بلحظات لقاء، بينما غنى “مصطفى مضوي” (نمشي شندي نزور الحبايب) ورائعة “ود القرشي”(يلاك يلا حدائق البان جديد)، بينما غرد كوكب الشرق “إدريس الأمير” (حار فراقك نار يا سواكن)، والفنان “محمد الأمين” (مالو أعياه النضال بدني وروحي ليه مشتهية ود مدني)، بينما كانت أشجعها تلك الأغنية الشعبية التي قالت (زولاً سرب سربه وخلي الجبال غربا أدوني ليه شربة خلوني النقص دربا).. (الليلة والليلا دار أم بادر يا حليلة بريد زول)، وربما تردد شاعرنا “ود القرشي” بين الذهاب خلف محبوبته أو البقاء في الجزيرة التي تغزل فيها وربما إستعصت عليه فكرة ترك (أرض المحنة) فسألها عله يجد بإجابة (قولي يا حبيبي أيه أعمل وراكا ولا أسيبا مدني ولا أجي أرحل حداكا)، فهل يا ترى حتى الآن لم يبارح محطته.. واستعصم بمكانه؟؟.. فيما طرقت أذان شاعرنا “علي محجوب” عجلات قطار الشوق المتجه إلى “عطبرة” وهي تضعها على الفلنكات إثر دقات القلب المتسارعة للحظات اللقيا.. ( لو تعرف غلاوة الريدة كنت نسيت محطاتك وكان حنيت علي مرة وكان حركت عجلاتك).. لكن الطريف في الأمر ومقابل ذلك لم يتحركن فتيات ذاك الزمان قيد أنملة وتمترسن بدورهن الأنثوي فرددن أغنياتهن الخاصة.. (الفريق الوراني.. حرمان علي تاني).