الشائعات.. خيال شعبي أم إثارة متعمدة؟!!
في عصر العم (قوقل)
تقرير – آيات مبارك
إعتادت الشائعات بعد كل فترة أن تعلن نبأ وفاة الفنان “عادل إمام” والفنانة “صباح” وإرتداء الفنانة الراقصة “دينا” الحجاب، أما على الصعيد المحلي فإن أكثر الفنانين الذين تعرضوا لشائعة وفاتهم في السودان الفنان الراحل “محمود عبد العزيز” و”زيدان إبراهيم” وغيرهما.. وفي المجال السياسي فقد تم على يد الشائعات اغتيال الرئيس “عمر حسن البشير” ومن قبله رئيس دولة جنوب السودان السيد “سلفاكير ميارديت” وإثر تلك الشائعة تم إخلاء الشوارع خيفةً من تكرار حادثة مقتل “جون قرنق”. أما الرئيس العراقي “صدام حسين” و”القذافي” والشيخ “أسامة بن لادن” فطيلة أيامهم الأخيرة ظل البحث جارياً عنهم وتصحبهم شائعات العثور عليهم ومقتلهم في ظروف غامضة إلى أن توفاهم الله، لذلك آثرنا إلقاء الضوء على بعض الشائعات المجتمعية والصحية التي تم تداولها خلال السنوات الماضية:
في العام 2010م تداولت الأوساط المجتمعية قصصاً عن الكلاب الضالة ببعض المزارع الطرفية التي هاجمت الإنسان والحيوان معاً.. فإختلفت الروايات عن كونها ذئاباً أو كلاباً متزاوجة مع (مرافعين).. وربما تكون (شياطين) أو تجار وهواة إستجلبوها من الخارج فعجزوا عن إطعامها وتم إطلاقها في الشوارع لقد تعددت الروايات حولها.
ثم تلتها في الأعوام الأخيرة تلك الكارثة التي أصابت الاقتصاد السوداني وحلت على بائعي اللحوم بعد أن وجدت (حمير) مذبوحة على قارعة الطريق، ورغم نفي وزارة الصحة لكن صاحبت هذا الحدث العديد من الشائعات. وفي العام 2006م ساد هلع وسط المواطنين وذلك بسبب مرض (إنفلونزا الطيور)، فقد شهدت أسواق الدجاج كساداً واضحاً، فقامت السلطات بحالة استنفار للقضاء على الدواجن. أما العام 2007م فكان المجتمع (يلوك) سيرة (حمى الوادي المتصدع) أو (الحمى النزفية) التي تصيب الحيوان والإنسان معاً خصوصاً وأنها تزامنت مع (عيد الأضحى). والآن فيروس الإيبولا الذي انتشرت على إثره رسائل (الواتس آب) التي اشتبهت في حالة ملاريا خبيثة.. وكل هذه الحالات تجعلنا نتوصل إلى حقيقة أن بعض الشائعات تخرج من حقائق صغيرة فتكبر عن طريق التداول والأخرى تصدر في حالة إنعدام المعلومة.
الظواهر الطبيعية
بالإضافة إلى ذلك تتداول وسائل التواصل الإجتماعي أخباراً غاية في الخطورة وقد تنسبها في بعض الأحيان إلى جهات لديها علاقة في علم الفلك مثل (تحذير خطير من وكالة الفضاء الأوروبية لسكان كوكب الأرض من إقتراب إنقلاب الحقل المغناطيسي الأرضي وهو ما يؤدي بالتالي إلى شروق الشمس من الغرب بدلاً من الشرق ).
وعندما تحدثنا عن الظواهر الإجتماعية والأمراض وآثرنا البعد عن المشاهير وحالاتهم وجدنا أن أكثر الشخصيات شهرةً هي التي تعرضت للإغتيال .
أثر وسائل التواصل الإجتماعي
إلى وقت قريب كانت الشائعات تنتشر على مستوى محدود لأنها لا تجد طريقها للذيوع طريق الوسائل الإعلامية الإ بواسطة الصحافة الصفراء.. لكن الآن تعدت الشائعات الحدود، وقبل وقت قصير تناقلت عبر (الواتس آب) صورة لشاب متشبه بالفتيات وإنتشرت في يوم واحد على أوسع نطاق.. لكن في اليوم التالي تناقلت صورة لنفس الشخصية تنفي المعلومة وتؤكد أنها فتاة. وغيرها من الصور التي تأتي بأخبار ضعيفة الأركان مما تجعل الخيال يجنح متوسلاً إرضاء النفس، ومما (يزيد الطين بلة) إن أسهل ما في دنيا الأسافير هو (الكوبي بيست) و(اللفح والختف)، فقبل أن يقف الخبر على قدميه وتستكين حروفه ينتشر بسرعة الضوء ليعطي متداولوه درساً في التروي والحرص، وخير مثال لذلك (فيديو الأستاذ الحلنقي).
تحليل إجتماعي ونفسي
ولأن الشائعة تكشف ما بداخل المجتمع من وعي والنفس من تناقضات وطريقة تفكير آثرت (المجهر) أن تلتقي بالباحث النفسي “محمد المصطفى” الذي بدأ حديثه قائلاً: إن تناقل الأخبار غير الصحيحة يحدد مدى وعي الفرد.. فالشخص السوي لا يحكي عن الأشياء غير المنطقية لأنها تقلل من مقداره أمام الناس.. فلا يجنح لإثارتها.. لكن بالمقابل هناك من يسعى لإنتشار الشائعة مثلاً لمحاولة جذب الإنتباه إثناء جلوسه في مجتمعٍ ما، أو التنفيس لا إرادياً عن مكنوناته أو ربما يود أن يحقق هدفاً محدداً مثل زيادة رواتب.. أو قيام تظاهرات في مكان ما أو بث معلومات عن أشخاص أو مؤسسات أو مطاعم وشركات، وبالتالي تنتقل لآخر ليضيف عليها بعض التوابل.. ثم أجاب “د. مصطفى” عندما سألناه عن كيفية الإنتقال بالمجتمع حتى يستطيع إيقاف الإشاعات قائلاً: يجب إتخاذ موقف جماعي والتعامل بوعي مع الأشياء غير المعقولة، ولا يتم نقل الأخبار دون تصريح رسمي من مؤسسات أو جهات مختصة، إضافة إلى أن ناقل الإشاعة يجب أن يمتلك إرادة تمنعه من نقلها، إضافة إلى درجة إيمانية تجعله يتنزه عن صغائر الأمور.
ولأن الشائعات تنشأ في مجتمعات تملأ وقتها بالحكايات وعندما تنعدم المعلومة تجنح إلى الخيال، بهذا الخصوص التقت (المجهر) بالأستاذة “أروى سلمان” الباحثة في الفولكلور والتراث الشعبي التي حدثتنا قائلة: إن معظم الشائعات المتعلقة بالحيوانات والأجرام السماوية وتحركات الكواكب ترتبط دائماً بالخيال الشعبي الذي يجنح لها سريعاً عند إنعدام المعلومة أو البحث عن الإثارة، ورغم أننا في عصر العولمة، لكن ما زالت هناك بعض الشائعات التي تطلق عن أماكن مسحورة وحيوانات أسطورية تلتهم الأطفال.