رسالة (المؤتمر) للجيش
أما وقد بات في حكم الراجح أن يكمل المؤتمر الوطني اليوم في ختام أعمال مؤتمره الرابع تسمية المشير “عمر حسن أحمد البشير” رئيساً للحزب، ومرشحاً له في الانتخابات، فقد ثبت (عود) الجيش في خارطة التوزيعات السياسية برمزية “البشير”، وكونه ابن المؤسسة العسكرية والتي تظل وتبقى آخر ممسكات البلاد والدائرة المحصنة حتى الآن من أمراض الجهوية والانحيازات المنتنة التي طالت حتى الأحزاب وخطابها السياسي، إذ ليس سراً أن ركيزة الخطاب الثوري لغالب القوى المعارضة تغذي كادرها بخطاب عنصري كان هو السبب الأول في انصراف الناس عنها، ثم ما لبثت العدوى أن انتقلت للجانب الآخر (الحكومة)، وأوضح معانيه في تجربة الحكم الاتحادي التي قسمت الولايات إلى قبائل ومشائخ وأفخاذ كل فئة تكيد للأخرى في سبيل الصعود إلى دست الحكم الولائي.
إلى أن ينصلح حال السياسة وتجري لنفسها تعقيماً من جراثيم الجهوية فلا ملاذ آمن أكثر من المؤسسة العسكرية، ويشمل ذلك إلى جانب الجيش قوات الشرطة وجهاز الأمن والمخابرات الوطني. وستظل تلك المؤسسات وتبقى منزلاً طاهراً وموقعاً لا يقبل إلا الشرفاء النابهين، لأنها حياض لا ينعقد فيها الاختصاص إلا للأوقياء الوطنيين، قوم لا يعقدون لواء قيادتهم لعميل ومتخاذل، خلصت دواخلهم واستطالت قاماتهم بالهمة والعزم فلا يأتي منهم إلا الخير وكريم الرد والبيان، وتبقى في هذا القوات المسلحة السودانية مصنع الرجال وعرين الأبطال أم الشهداء ورسول الخير، إن أظلمت بالناس الظروف فاضطروا لأضيق الطريق حيث لا طريق ومخرج ثاني كالعهد بها بجراحها متزينة تقضي مهمتها وتجلس حيث انتهى بها المجلس، لأنها ثقيلة عند الطمع وخفيفة عند الفزع.
إن واحدة من أهم وأذكى الرسائل التي يمكن للمؤتمرين اليوم إرسالها للجيش، التأكيد على أن الوطن يراهن عليه، وأن المؤسسة التي حمت البلاد في كل الظروف والمواقيت لها دورها غير المنكور في الربط على قلوب الناس، وأنها مثلما كانت في أزمان الحرب حائط الصد الأول الذي تكسرت عند قلاعه رماح الغادرين الطامعين، فإنها في مشروع الحوار الوطني والسلام مطلوب دورها بالحماية والدعم والإسناد. وقد عرف الناس في تلك المؤسسة وعرفوا بالوطنية الخالصة وأن السودان عندهم مقدم على سواه، وأنهم بالإجمال حزب الأغلبية الكاسحة وأنهم الصندوق الذي يقترع عنده السودانيون بلا تردد. ومثلما أرسل المؤتمر الوطني الرسائل للموالين والمعارضة، وللداخل والخارج، فإن رسالة الختام يجب أن تكون لمصابيح الأرض الحرام، لكتائب العزة والشرف بأن السودان سيبقى حصيناً ضد التشرذم والمحن، وأن مثلما الجيش هو الجيش فإن الشعب هو ذاته الشعب وكلنا ..واحد.
نصر الله جيوشنا في الوطن بأسره، وأجرى الخير على يديهم للناس وقصم مخططات التآمر عن هذا الوطن الجميل، الذي لن يضره قط خذلان صديق وتراجع صاحب فكل يلقى الله فرداً.