فتيات يحتمين بصداقة الأولاد خيفة الغيرة والمنافسة بينهن
العلاقة بين الجنسين
تقرير _ آيات مبارك
ربما كانت “دعاء” لا تضع بالاً لنوايا “حسام” تجاهها وهي سعيدة بصداقتهما التي ستسفر عاجلاً أم آجلاً عن حب يظللهما بغمامته ويضع تسمية لتلك الإلفة التي جمعت بينهما على حين غرة من عفويتها المطلقة، وربما كانت لا تدري أيضاً أن هذا هو ديدن “حسام” الذي (نام على العسل) بعطاء دون مقابل أو التزام تحت مسمى الصداقة فتصبح بذلك “دعاء” بين سماء الحب وواقع أرضية الصداقة التي لم ترض بها روحها التواقة لمبادلة العواطف.. و”دعاء” أنموذج لأكثر من أنثى ذات طابع عاطفي لا تحتمل التعامل إلا مع رجل واحد بغض النظر عن نوع العلاقة.. وعلى الرغم التغير الكبير الذي طرأ على المجتمع في جميع مناحي الحياة وفرضته الظروف إلى أن الصداقة بين البنات والأولاد لا زالت تتصدر طاولة النقاش في المجتمع السوداني، وإذا نجت هذي العلاقة من المجتمع وحفتها تفسيرات وتسميات مقبولة فلن تنجو من شائك التفاصيل الداخلية، وقد شبهها الفرنسي “أوسكار وايلد” بـ(صداقة الفأر والقط).. أما الثقافة السودانية فقد شبهت هذه العلاقة بـ(البيضة والحجر) ورغم ذلك تحتمي العديد من الفتيات بصداقة الأولاد خيفة الغيرة والمنافسة بينهن وتحت دعوى محدودية العلاقة وعدم الفائدة من اجتماعهن الذي لا يجلب سوى المتاعب ليلجأن إلى علاقات الجنس الآخر الشائكة التي قد تجعل الطرفين يقفان كثيراً في محطة التفكير الذي جاهرت به بعض الفتيات لـ(المجهر) في الإفادات التالية..
{ شفافية العلاقة وبراءتها
تحدثت إلينا “ريم حسنين” (طالبة مختبرات) فقالت: (أصبح المجتمع يتقبل صداقة الجنسين بصورة أكثر من صداقة الجنس الواحد.. وما بالضرورة تؤدي إلى حب.. وأنا أشجعها بشدة لأني صراحة بستفيد اكتر من الأولاد.. وقادرة أحدد شكل علاقتي بهم). بينما نفت “ريماز أبو بكر” (طالبة ثانوي) أية علاقة لها من قريب أو بعيد بالجنس الآخر الذي ربما تعدّه بحكم تجربتها العمرية المشوشة عالماً بعيداً تم إقصاؤه عنها قسراً. وتحدث إلينا “عمار حسنين” (موظف) قائلاً: (الرجل والمرأة هناك دائماً شيء يجمع بينهما فهما عنصران وظفا فيزيائياً وكيميائياً على الجاذبية فلا يستطيع أحدهما أن يرافق الآخر دون مصلحة تؤثر على شفافية العلاقة وبراءتها).
أما “س. ك” فقد حكت لنا تجربتها الفاشلة التي كانت كل معانيها ترمز للحب وليس سوى ذلك.. فقالت: (الله عارف في القلوب في شنو.. لكن عبء العلاقة الأول على الرجل هو من يصارحني.. رغم أن كل تصرفاته كانت تدل على الحب.. لكنه كان بين الفينة والأخرى يقذف لي بكلمة الأخوة في منتصف الحوار وكأنها مخرج لنهاية المطاف.. فآثرت الصمت تجاهه، فقد اتضح لي أن هذا مضيعة وقت ليس إلا). ونفت بشدة “منار إسماعيل” علاقتها بالجنس الآخر حسب طريقته (ومافي حاجة اسمها صاحبك وزي أخوك إطلاقاً الراجل راجل والمرة مرة).
هذه الإفادات المتضاربة جعلتنا نضع أوراقنا بين يدي أهل الاختصاص، وتحدثنا إلى الباحثة النفسانية “وداد حسنين” التي قالت:
(إذا توافر النضج والوعي الكافيين، على كل منهما أن يميز ويرى الخيط الرفيع بين الصداقة والحب وعلينا ألا نضحك على أنفسنا، فشروط الصداقة التي تجمع بين الجنس الواحد تستوجب أموراً لا يمكن أن تطبق في مجتمع محافظ.. فهل يمكن للولد الاتصال بالبنت ليلاً أمام أسرتها؟ ذلك عكس الصديق الذي من نوعك وتجده في كل الأوقات لأن أي نوع من القيود ينفي معنى الصداقة.
أما الباحثة الاجتماعية “ثريا إبراهيم” فتحدثت إلينا عن إمكانية تطور علاقة الصداقة إلى حب وهل يمكن أن يكون عبارة عن (صداقة اشتعلت فيها النار) فقالت: (من الطبيعي جداً أن تتحول الصداقة إلى حب خاصة إذا تحولت بشكل تلقائي، حيث تكون أكثر صدقاً بمعنى ألا يكون الهدف من الصداقة الحب، حيث الصداقة تكون بدون مقابل وتكون المواقف أكثر إنسانية، وكل ذلك عندما تتحول إلى حب فإنها توفر على الطرفين أشياء كثيرة كمعرفتهما لبعضهما بشكل جيد وأعمق وأكثر صدقاً.