"المهدي" في محنته!!
حينما صدر قرار المحكمة الجنائية بتوقيف مولانا “أحمد هارون” وتبعه قرار آخر بتوقيف الرئيس “البشير” وطلب اعتقاله، خرج الإمام السيد “الصادق” إلى الإعلام وقال بشجاعة إن حزب الأمة يرفض قرار المحكمة الجنائية في “لاهاي” ويجدد ثقته في القضاء الوطني لمحاكمة أي مسؤول ارتكب جرماً يستحق العقاب. وأثارت تصريحات الإمام “الصادق” حينذاك غضب المعارضة من المؤتمر الشعبي وحتى الحزب الشيوعي أي من يمين اليمين إلى يسار اليمين والتعبير مستوحى من غضب “عرمان” العارم على صديقه السابق “ضياء الدين بلال” الذي انتقد قطاع الشمال وسلوك “عرمان” الانتهازي، فخرج “عرمان” غاضباً على “ضياء الدين” وقال إنه يقف يمين المؤتمر الوطني!!
وألهبت المعارضة ظهر الإمام “الصادق” بسياط النقد والتجريح مثلما واجهها الإمام السيد “الصادق” بعد غزوة د.”خليل إبراهيم” لأم درمان في صيف مايو 2008م، وموقف “الصادق” الشجاع في نقد المسلك الذي اتخذته حركة العدل والمساواة.. وتلك المواقف شكلت نقطة تقارب بين حزب الأمة والمؤتمر الوطني، حتى جاءت لحظة الفراق الأخير بانتقاد “الصادق المهدي” لقوات الدعم السريع، فوجد نفسه في سجن كوبر مطلوباً للمحاكمة وفق لائحة قانونية لو طبقت على “المهدي” لذهب عنقه لمقصلة الإعدام شنقاَ حتى الموت.. ولكن افتراق “الصادق” مع “البشير” بلغ حد اللا عودة بعد أن بعث الإمام “الصادق” بخطاب كيدي للرئيس الكيني يثني على مثوله أمام المحكمة الجنائية.. ويستخدم “الصادق” عبارات إيحائية بمدح شجاعة الرئيس الكيني.. والتعريض في ذات الوقت بموقف رئيس بلاده الذي رفض “المهدي” نفسه مثوله أمام تلك المحكمة!!
لكن كلام الداخل يمحوه حديث الخارج واليوم يقف “الصادق” حائراً ماذا يفعل إزاء الخيارات التي أمامه، حزبه منقسم لتيارات متصارعة وغيابه عن الداخل يفتح الباب واسعاً لمنافسيه في القيادة من “مبارك” وحتى د.”إبراهيم الأمين” و”محمد عبد الله الدومة”. وقد جرب الإمام لسنوات طويلة معارضة الخارج وكان حصاده منها صفراً كبيراً.. حتى بات الإمام زاهداً في العمل الخارجي.. ولكنه فجأة يجد نفسه في لجة صراع داخلي وتناقض مواقف ما بين المضي في طريق الحوار الوطني الذي يجمعه بغريمه اللدود د.”حسن الترابي”.
السيد الإمام “الصادق” يريد حواراً يقوده هو ويحصد ثمرته وحده وإن فشل في ذلك الهدف فلتحترق روما.
إن “الصادق” في محنة هل يمضي في طريق مواجهة النظام وهو لا يملك من الأسلحة إلا لسانه وقلمه؟؟ أم يعود مرة أخرى للداخل وقد فقدت المعارضة المسلحة الثقة فيه، وفقدت أحزاب قوى الإجماع الوطني الثقة أيضاً فيه، وحتى حزب الأمة وقياداته لا يثقون فيما يقوله الإمام ويفعله؟؟