جنيف (1)
تشهد مدينة “جنيف” السويسرية هذه الأيام حضوراً لقضية السودان بصورة تطغى على بؤر نزاعات أخرى في العالم، مثل سوريا والعراق وفلسطين ومصر، وذلك لحدة الصراع السياسي في السودان والمواجهة المفتوحة مع الغرب من جهة أخرى والمعارضة المسلحة من جهة تغذي الصراع بين الحكومة والغرب، وفي ذات الوقت يشجع الغرب المعارضة على تصعيد مواجهتها للحكومة، بيد أن “جنيف” هذه المرة تشهد تغييرات في مواقف بعض الدول التي كانت حليفة للسودان فأصبحت الآن أقرب لمناوئه في حال لجوء الأطراف للتصويت على المشروع الذي قدمته الولايات المتحدة والذي يهدف لعودة السودان للبند الرابع الرقابة المباشرة. ولكن ما وراء الغرف المفتوحة ثمة تفاهمات تجري بعيداً عن الأضواء بشأن القرار الأمريكي بين الوفد السوداني الذي يقوده الآن وكيل وزارة العدل. وينتظر أن ينضم للوفد مولانا “محمد بشارة دوسة” لتقديم خطاب السودان (الثلاثاء) القادم بعد أن يقدم المبعوث المستقيل تقريره، وخلافاً لكل التوقعات بأن تتم إعادة السودان للبند الرابع فإن الجهود التي تبذل هنا سواء من الوفد الرسمي ووفد منظمات المجتمع المدني عطفاً على التطور السياسي الهام على صعيد الحوار الوطني، والتقرير الذي قدمه راعي الحوار الوطني “أمبيكي” أمام مجلس الأمن الدولي ومجلس السلم والأمن الأفريقي، وهي تطورات لا يمكن إغفالها والتقليل من أثرها المباشر على علاقة السودان بالدول الغربية بعد الحديث عن حوافز ينبغي تقديمها للخرطوم، بإعفاء الديون وتقديم مساعدات لها في حال التوصل لاتفاق سلام مع فرقائها من دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق. ولكن قضية حقوق الإنسان نفسها من القضايا التي ينبغي على السودان الاهتمام أكثر بها لا خضوعاً لابتزاز الغرب واستهدافه للسودان، ولكن بنشر ثقافة الحقوق واﻻلتزام الصارم لكل أجهزة الدولة بنصوص الدستور والقانون، لأن دولة ترفع شعار تطبيق الشريعة الإسلامية ينبغي لها تحري العدل، وتطبيق نصوص الشرع لتقدم نموذجاً لدولة العدل ولا تقدم شهادة شائهة عن عدل الإسلام وتصبح بذلك خصماً عليه. إن ما يجري هنا من جهد لأجهزة الدولة لو بذل أقل منه على صعيد تنظيف الدولة لثيابها من درن أخطاء الممارسات وتحقق السلام، لتجنبنا الإدانات والعقوبات وإشانة سمعة بلادنا العزيزة.