العدل في "الضعين"
القرارات التي أصدرها وزير العدل بتكوين لجنة تحقيق وتحري بشأن أحداث العنف القبلي الذي شهدته ولاية شرق دارفور مؤخراً.. ومقتل مئات الأشخاص في الأحداث وجرح مثلهم.. وإسناد رئاسة لجنة التحقيق للمستشار العام “فتح الرحمن محمد أحمد الجزولي” وعشرة مستشارين آخرين، إضافة لثلاثة ضباط يمثلون القوات المسلحة ومثلهم يمثلون الشرطة وجهاز الأمن والمخابرات .. هذه القرارات وضعت الدولة أمام مسؤوليتها في بسط العدل وهيبة الحكم.. وعدم الإفلات من العقاب والتمرد ضد السلطة!! وفي حديث وزير العدل مولانا “محمد بشارة” أمس واللجنة تؤدي القسم لبداية عملها، شدد على ضرورة إلقاء القبض على الذين أزهقوا أرواح الأبرياء وتقديمهم للمحاكمة العاجلة من الطرفين المتقاتلين.. وقال إن أجهزة الدولة قادرة على الوصول للجناة أينما كانوا .. وأن بسط العدل مسؤولية الدولة ولن تتنازل عنها لجهة أخرى.. وظلت حكومتنا في كثير من الأحداث تتهاون مع حالات الانفلات والفوضى حتى بدأت الدولة كالغائب الكبير عن مسرح الأحداث.. وتم وصم القضاء الوطني بالعجز وعدم الرغبة في ملاحقة المجرمين الذين ينتهكون حقوق الآخرين!
الخطوة التي أقبلت عليها وزارة العدل والاهتمام الكبير بأحداث شرق دارفور، جسده حضور قيادات الوزارة العليا لأداء قسم اللجنة التي تم اختيار خيرة المستشارين في الوزارة لأداء المهمة.. وأسند وزير العدل سلطاته وصلاحياته لوزير الدولة القاضي “أحمد أبو زيد أحمد” الذي أصدر قرار تشكيل اللجنة.. وحرص وكيل وزارة العدل مولانا “عصام” والمدعي العام مولانا “عمر”، على حضور أداء القسم إضافة لوزير الحكم اللامركزي د. “فرح مصطفى” ووزير الدولة بالدفاع الفريق “يحيى محمد خير”، مما يدلل على اهتمام كل أجهزة الدولة بأحداث ولاية شرق دارفور، وعزمها على ملاحقة مرتكبي جرائم القتل والسلب والنهب ومعارضة السلطة وتهديد السلامة العامة. وأطلق وزير العدل سلطاته للجنة التحقيق حتى تؤدي مهامها بما يحقق السلام في المنطقة.
{ لقد غاب القانون عن دارفور لحقبة طويلة جداً وإذا حضر القانون فشلت أجهزة تطبيق القانون في الوصول للجناة والمجرمين الذين يقتلون وينهبون، ولا يجدون إلا مكافأة على جرائمهم بالعفو عنهم واستيعابهم سياسياً عند توقيع الاتفاقيات. وقد أغرت هذه السياسات بعض منسوبي القبائل على أخذ القانون بيدهم والدخول في حروبات بعضها لمصلحة أفراد وجماعات وبعضها لخدمة أجندة دولية وإقليمية .. ولكن الدولة هذه المرة وضعت نفسها في الموقف الصحيح بأن تلزم نفسها ببسط العدل وتطبيق القانون على الجناة والمجرمين.. ولكن هل التحري وفتح البلاغات وحده يردع المجرمين ؟؟ إن غياب أجهزة إنفاذ القانون عن مسرح الأحداث وعجز تلك الأجهزة عن القبض على المجرمين يجهض ما قامت به وزارة العدل، وقد أوفدت الداخلية ضابطاً كبيراً جداً لمتابعة ملف أحداث شرق دارفور، وشكل حضور الفريق “يحيى محمد خير” وزير الدولة بالدفاع أداء قسم اللجنة إشارة مهمة، بأن القوات المسلحة على الأرض قادرة على كبح جماح المتفلتين ومساعدة وزارة العدل والقضاء في محاكمة الجناة وتحقيق العدالة أمام الناس جهراً، حتى تستقر الأوضاع ويصبح لجهود الصلح أثر في وقف الانفلات والفوضى التي تشهدها شرق دارفور.