ارفتوا "ود الأمين"!
لو كنت مفوضاً بالمؤتمر الوطني لما ترددت في محاسبة الأستاذ “محمد الحسن الأمين” القيادي بالوطني – حسب تعريفات الصحف – على تصريحه بشأن السيد” الصادق المهدي” ،حيث قطع الأمين بأنَّ زعيم حزب الأمة وإمام الأنصار سيقدم للمحاكمة حال عودته للبلاد، بل وزاد على ذلك بالقول إنَّ التحركات التي يقودها” المهدي” خارجياً ستزيد من حسابه داخلياً، ولأن (الحلو ما يكملش) على رأي المصريين فقد تزامن التصريح وقول آخر دفعت به سيدة قيل إنها رئيسة لجنة التشريع والعدل وحقوق الإنسان زعمت فيه أن “مريم الصادق المهدي” وُجهت لها تهماً تتعلق بالتأمر مع جهات تشن حرباً على السودان. إنَّ على الحزب الحاكم محاسبة قياديه البارز هذا، وعلى البرلمان البحث عن رئيس آخر للجنة التشريع والعدل هذه أو أياً كان اسمها! فالتصريحين غير لبقين ولا يمتان للقانون بصلة ولا بالإجراءات في هذا.. “محمد الحسن الأمين” لا يملك تحديد هل سيعتقل “الصادق المهدي” أم لا، ولا تملك رئيسة اللجنة البرلمانية المحترمة القطع بأنَّ (مريم) ستحاكم بالمواد كيت وكيت، النيابة والقضاء هما من يحددان ذلك وليس عضوان بالبرلمان تغولا الآن على اختصاصات وزارة العدل وجهاز الأمن ولسان الناطق باسم الحزب والحكومة. والتصريحان بكل المقاييس لا يساويان في موازين الحقيقة والمعرفة شروي نقير لأن الراجح أنَّ “مريم الصادق المهدي” ستخرج مثلما خرج آخرون، وسيعود الإمام إلى أم درمان وأنشطته السياسية قريباً. أحياناً أحسب أنَّ البرلمان وساحة المجلس الوطني صارت بحاجة لآلية لضبط تصريحات النواب الذين ما إن يجدوا صحفياً أو صحفيين إلا وانطلقوا في التصريحات التي لا تترك شيئاً إلا وعرجت عليه، حتى وإن لم يكن يخصهم أو لهم به علاقة! مثل هذه المواقف ذات الأبعاد القانونية لا يجوز فيها الرجم بالغيب والاجتهاد، القانون واضح النصوص والتفاسير والإجراءات، وله مؤسساته التي تحدد وحدها الخلاصة والمفيد فلا داعي لمثل خفة بعض البرلمانيين التي لم ولن تجلب إلا التضجرات والإرباك العام لأنَّ المؤتمر الوطني الذي بشر أمس بمحاكمة “الصادق المهدي” حال عودته هو ذات الحزب الذي كان قبل يومين لأحد قياديه تصريحات في اتجاه نقيض مفادها أن “المهدي” يمكن أن يعود معززاً مكرماً ولا تثريب عليه. للنواب الكرام ببرلمان الأمة مئات القضايا وهموم المواطنين التي تتطلب المتابعة وإعمال الرقابة وتقديم المقترحات عوضاً عن هذا القفز فوق الأسوار والاختصاصات، يكون جميلاً ومفيدا لو النائب أو رئيس اللجنة ركز في أعماله على ما ينفع جمهور الناخبين ممن قدموا ممثلين لهم في البرلمان للحديث عن احتياجاتهم وليس تكييف الوضع القانوني لمريم الصادق أو الموقف الهجري لوالدها! ولا أظن أنَّ الهموم قد انفرجت فمن السيول إلى الصحة والتعليم تمتد آلاف الأجندة التي تصلح كلها لكي تكون هماً وتحدياً وواجباً أكثر نفعاً من هذه التصريحات المضحكة.