أخبار

المأساة المنسية!!

كيف ينام المسؤولون في الحكومة قريري العيون ويشربون قهوة الصباح ويبتسمون ويضحكون ويقهقهون فرحاً بنعيم الدنيا وحلاوة المنصب وجنة عرضها السودان الحالي، وعلى أعناقهم مسؤولية الموت الذي يحصد في يوم واحد (174) قتيلاً و(140) جريحاً هي الحصيلة الرسمية لقتلى الصراع الدامي بين (الرزيقات) و(المعاليا) للأسبوع الماضي فقط وبمنطقة أم راكوبة!!
{ مسؤولونا في الخرطوم يقولون إن الأمن في السودان مستتب والقيم محفوظة.. ويقرأون أرقام ضحايا نزاع هم المسؤولون عنه كأن تلك الأرقام لقتلى من بلاد وراء المحيطات.
وإذاعتنا الوطنية تزرف الدموع على ثلاثة أطفال قتلوا في قطاع “غزة” برصاص قوات الاحتلال ولا تزرق إذاعتنا دمعة (تمساح) على أرواح بني جلدتها من (الرزيقات) و(المعاليا)، ولا يكلف وزير الداخلية نفسه وعثاء السفر ومشاهدة كآبة منظر القتلى والجرحى في الضعين.. وحتى لجنة الأمن والدفاع في برلماننا الذي يفترض محاسبة الوزراء تذهب بكامل هيبتها ووقارها لوزارة الداخلية للقاء الوزير؟؟ ومعرفة التدابير التي اتخذتها الداخلية لحماية السودانيين من قتل أنفسهم. ولأن البرلمان السوداني (بحب) حكومته ولا يقبل فيها ومستعد لتقديم روحه فداءً للوزير ووزراء الدولة يتكبد برلماننا مشقة السفر من أم درمان حتى شارع النيل للقاء الوزير، ولا يرفع البرلمان صوته فوق صوت الوزير ويطلب منه الحضور لقبة البرلمان.. ربما اقتضت التقاليد العسكرية وحفظ المقامات أن يذهب العقيد أمن “مالك” رئيس لجنة الأمن والدفاع إلى الفريق أول “عصمت” في مكتبه.. وحفظ المقامات من الأدب العسكري .. ولكن أين حفظ مقامات المؤسسات؟؟
دعنا من ذلك كله ونسأل السادة في الخرطوم من نواب الرئيس ومساعديه ووزيري الداخلية والدفاع ووزير الحكم اللامركزي، عن الأسباب التي أقعدت بهم عن السفر إلى الضعين  ومواساة أسر الضحايا.. وتحمل المسؤوليات في حفظ أرواح ما تبقى من المواطنين، وإثبات وجود حكومة ودولة .. تقبض على الجناة القتلة وتدعهم في مخافر الشرطة.. وتدون في مواجهتهم بلاغات ويقدم مدعي جرائم دارفور كل المشاركين في أحداث القتل لمحاكمة تقضي بإعدام من شارك في القتل والسجن لمن تواطأ في الجريمة والعزل من المنصب التنفيذي والإداري لمن يتلكأ في تحمل مسؤولياته؟؟
مائة وأربعة وسبعين قتيلاً ومائة وأربعين جريحاً حصيلة الموت في شرق دارفور والخرطوم تنام غريرة العين تغني وترقص .. وتمتع نفسها بمناخ خريفي جميل تقرأ الصحف وهدف “بشة” في مرمى الزمالك وانتصار المريخ على الفريق اليوغندي.. كما يقول المغني ناس أفراحها زايدة وناس يتألموا.. وطائرة من الهلال الأحمر تتوجه إلى قطاع “غزة” في فلسطين ولا حمولة لوري واحد لإغاثة الملهوفين جوعاً وجراحاً في الضعين من ضحايا عجز حكومتنا عن تحمل مسؤولياتها.
{ لقد فشلت مساعي الصلح التي قادها المسيرية بسبب توظيف حكومات الولايات للصلح نفسه في الصراع الدائر حول كراسي السلطة، ووصلت جهود إيقاف الحرب عن طريق الأهالي لطريق مسدود؟؟ فماذا تنتظر حكومتنا هل استمرار الموت والنزاعات القبلية تخدم مصالح جهات بعينها؟؟ وقد استشعر “محمد بن شمباس” فداحة الموت في دارفور قبل “التجاني سيسي” و”أمين حسن عمر” ومكتب سلام دارفور؟؟
لو نهض الرئيس “عمر البشير” من سرير النقاهة اليوم وقرر أن يتوجه إلى الضعين وعديلة والبقاء هناك حتى   يتوقف الموت، لتبعه الوزراء والمسؤولون مهرولون لا من أجل تحمل مسؤولياتهم، ولكن من أجل كسب رضاء الرئيس الذي ما غاب عن المشهد يوماً واحداً إلا واسترخى الجميع في مقاعدهم الوثيرة وانشغلوا بغير المسؤوليات التي وضعها الرئيس على عاتقهم.. إذا لبس الرئيس بنطالاً وقميصاً نصف كم وحذاءً رياضياً تبعه بعض المسؤولين، وإذا ذهب الرئيس لمستشفى (رويال كير) تمنى البعض لو مرضوا و(رقدوا) جوار الرئيس.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية