أخبار

البرلمان القادم

{ مصلحة الحكومة تقتضي (فتح) نوافذ الحرية لنفسها والحرص على وجود برلمان حقيقي يراقب الأداء ويمنح الشعب أملاً في التغيير.. فبعد أن تعذر إشراك الأحزاب في حكومة ذات قاعدة عريضة فإن وجود نواب لهم رأي واستقلالية في التعبير عن ما في نفوسهم وإعلاء قضايا الجماهير على مصلحة الحزب تعتبر ضرورة إصلاح واقعنا الراهن..
{ ولكن تجربة برلماننا الحالي لا تشجع على إعادة إنتاجه مرة أخرى.. وخير للحكومة نواب يحترمون أنفسهم ويحترمهم الشعب ويقولون الحق بدلاً من نواب يطلب منهم أولاً القبول بانفصام في الشخصية السياسية.. يعبر عن رأية الحقيقي في دهاليز الصمت.. وفي داخل دار حزبه وأمام نواب الهيئة البرلمانية للحزب وحينما يجلس على كرسي النيابة يصبح كائناً آخر (أليف) ولطيف.. يقول ما يرضي وزير الخارجية ويفرح وزير البيئة ويصفق لذاك الوزير حتى يصاب بالخجل ويقف أمام النواب ويقول (والله أخجلتم تواضعنا)!!
{ مثل هؤلاء النواب قد يفرحون بالسلطة ويجعلونها تمشي الهوينا كما يمشي الوجي الوحل.. ولكنهم يفقدون وقارهم عند الشعب ولا يحس بهم أحد.. إذا كان البرلمان القادم مثل البرلمان الحالي فإننا نطالب السيد رئيس الجمهورية الذي تلقى منا بيعة السمع والطاعة وأقسم أمام الشعب السوداني بحسن إدارة البلاد وخوف الله فينا.. أن يسرح أعضاء البرلمان ويحفظ مال الرواتب ومخصصات رؤساء اللجان ونواب رؤساء اللجان وميزانية التسيير والعلاج والسفر الداخلي والخارجي، في حساب لدرء العطش في كردفان ومحاربة المكسيت في كسلا وإصلاح مشروع الجزيرة .. والقضاء على الذباب والباعوض في العاصمة الخرطوم.
{ من بدع البرلمان الحالي أن شد رئيسه وبعض رؤساء اللجان الرحال إلى أحد الوزراء في مقامه العالي لتلقي تنوير منه عن أداء الوزارة.. وجلس الوزير في مقعد الرئاسة وحوله النواب ورئيس المجلس، وبانتهاء الجلسة صدرت تصريحات تشيد بأداء الوزارة والوزير!!
{ أما البرلمان الآخر (مجلس الولايات) فأمره عجيب جداً.. هاجر من أم درمان غرباً إلى الأبيض عاصمة شمال كردفان، لا سفراً ببص ولا عن طريق سيارات اللاندكروزر الفارهة ولكن بطائرة خاصة دفعت حكومة الولاية (إيجارها) نقداً من أجل انعقاد مجلس الولايات في الأبيض.. فماذا نتوقع من مجلس الولايات في الأبيض.. فماذا نتوقع من مجلس يذهب إلى الولاة في بيوتهم.. هل يستطيع محاسبتهم على قصور في الأداء أو فشل في أداء واجب أو مهمة؟!
{ لا نطالب ببرلمان معارضة يسقط الحكومة ويطرح فيها صوت الثقة دون أسباب موضوعية.. ولكننا نطمح ونأمل ونرتجي برلماناً يملك سلطة محاسبة وزير الداخلية إذا مات في الضعين (700) ضحية في نزاع قبلي.. ويملك حق استدعاء وزير الخارجية ومساءلته كيف خرجت المرتدة “أبرار” وما هي علاقة الوزير الإيطالي الذي زار السودان مؤخراً بخروجها.. وبرلمان يوصي لرئيس الجمهورية بإعفاء وزير التجارة أو الصحة إن تكشف للبرلمان وجود قصور في الأداء.. أما برلمان الصمت الذي يمدح الوزراء فلا يرجى نفعه.. أقول قولي هذا وأستغفره وهو السميع العليم.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية