أخبار

الماشين المدارس (1)

لم تصغِ ولاية الخرطوم للأحداث التي ارتفعت وسط الأسر وبعض التربويين بتأجيل بداية العام الدراسي إلى ما بعد شهر رمضان الذي يشهد في بلدان أكثر إسلاماً من السودان كالمملكة العربية السعودية أرض الحرمين الشريفين ومهبط الوحي ما يشبه الإجازة العامة للدولة.. نظراً لقلة عطاء الصائمين.. في نهار رمضان.. ولتمكين المواطنين من قيام الليل والاسترخاء ساعات النهار.. قرعت أجراس المدارس وعامة المواطنين يمشون بأقدامهم على جمر المعاناة والفقر المدقع.. وقد كشر السوق أنيابه لالتهام عظم المواطنين وتضاعفت أسعار الكُتب والكراسات والأقلام والملابس والشنط والأحذية.. وفتحت المدارس الخاصة خزائنها لامتصاص مدخرات المواطنين الذين يواجهون هذه الأيام ظروفاً صعبة جداً إلا القلة ميسورة الحال التي تأكل (البيتزا) وتشرب العصائر الطازجة وتركب الفارهات من السيارات.. وهذه قلة لا تتعدى الـ(15%) من الشعب الذي أنهكته الأوضاع الاقتصادية الصعبة.. وهو يدفع من جيبه (المقدود) ثمن الصراع السياسي.. والحروب التي لا أمل في إيقافها.. وسوء علاقات السودان بالعالم الخارجي الذي تخلى عن دعم مشروعات التنمية.. وحتى المنظمات العربية والإسلامية التي كانت (ترحم) البؤساء والفقراء (طردوها) وتركونا في (السهلة) نواجه قدرنا.
منذ الأسبوع الماضي ارتفعت حمى الآباء وزاد ضغط الدم ومعدلات السكري في الأجساد الهزيلة.. والأطفال الصغار يتطلعون للجديد من الأحذية والثياب والأمهات يتقدمن بطلباتهن لاحتياجات رمضان من (شرموط) وذرة.. وحلو مر وبلح وكبكبي.. والآباء في حيرة من أمرهم.. كيف يقاتلون في جبهتين رمضان والمدارس في ذات الوقت!!
خرجت بالأمس منذ السابعة صباحاً مع (حكومتي) في المنزل وهي حكومة تتفاوت وطأتها ما بين رءوفة رحيمة.. وأخرى مثل حكومتنا الكبيرة قوية ولكنها باطشة لا ترحم.. ولا تترك رحمة الله تنزل على العباد.. توجهنا صوب مدرسة الشيماء الجديدة التابعة للمجلس الأفريقي للتعليم الخاص وكثيراً من الأسر تختار المدارس الإسلامية.. بينما كثيراً من الإسلاميين يذهب أطفالهم للمدارس الأجنبية التي تتحدث بلسان غير عربي.. ويظن البعض وبعض الظن خطأ جسيم إن المدارس الإسلامية رحيمة بالمواطنين.. ولكن هذا العام قررت المدارس التابعة للمجلس الأفريقي مضاعفة الرسوم الدراسية وإضافة تعقيدات جديدة لعملية سداد الرسوم.. من صباح الخميس الماضي هرع المئات من الآباء والأمهات للمدارس لسداد الرسوم ولكن (الشبكة طاشة) تلك العبارة التي تؤكد عجز السودانيين في التعاطي مع التكنولوجيا وبؤس قدراتهم.. منذ الصباح الكهرباء (قاطعة)!!
ويهمس البعض جهراً حليلك يا “أسامة عبد الله” إدارة المدرسة تطلب من أولياء الطلاب والطالبات البحث عن أرقام التلاميذ المتسلسلة في (البورد) ثم الوقوف في صف طويل أمام المحاسبة لتغذية الأرقام المتسلسلة في جهاز الحاسوب.. ومن ثم عليك التوجه بعد إصدار المحاسب أو المحاسبة لشهادة تثبت إن الطالب مقيداً في العام الجديد.. هذه العملية قد تستغرق يوماً كاملاً وسط عراك النساء والرجال بالمناكب.. وتتهلل أسارير من يحصل على الرقم المتسلسل لطفله.. ثم عليك التوجه إلى بنك فيصل الإسلامي لسداد القسط الأول من الرسوم، ولكن ما يحدث في البنك شيئاً آخر من إهدار الوقت واحتقار الإنسان لأخيه الإنسان وامتصاص عرق البسطاء وإهدار مالهم ووقتهم ومضاعفة معاناتهم وتحصيل المصرف أموالاً مقابل خدمة هو المستفيد منها؟
لنا عودة غداً

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية