أخبار

البقية بالداخل..!

لا ننكر أن قراءة الصحيفة – ورغم ما تمثله من متعة خاصة جعلتها لا تتأثر بمنافسة الصحافة الإلكترونية – لكنها لا تخلو من جهد يبذله القارئ يكاد يشبه جهد (الباحث) أحياناً..!
هذا الجهد يتمثل في رحلة بحثه عن بقية أخبار الصفحة الأولى حيث عليه أن يقرأ الخبر في الصفحة الأولى، ثم قلب هذه الصفحة إلى صفحة أخرى غالباً هي الصفحة الثانية أو الثالثة ليستكمل قراءة بقية الخبر.. ثم العودة مجدداً إلى الصفحة الأولى ليقرأ خبراً آخر ومن بعد ذلك البحث عن بقيته أيضاً بالداخل.
(البقية بالداخل) عبارة أصبحت تتذيل معظم أخبار الصفحات الأولى، لأن هذه الصفحات تحاول أن تضع أكبر عدد ممكن من الأخبار خاصة حين يكون بها بعض الإعلانات، فإن الحل الوحيد يكون وضع أكبر عدد ممكن من (مقدمات الأخبار) في الصفحة الأولى، ونقل بواقي هذه الأخبار أو ما يعرف بـ(التتمات) إلى الصفحات الداخلية..!
ولأن هذا التنقل الذي يفعله (القارئ) مضطراً بين الصفحة الأولى والصفحات الداخلية فيه كما قلنا بعض المشقة، فإن الأفضل هو أن لا تكون هذه (البواقي) كثيرة حيث يحبذ أن يقوم محررو الأخبار باختزال الخبر وتلخيصه بدلاً من كتابته مطولاً والاضطرار إلى تقسيمه إلى جزء في (الأولى) والجزء الآخر بالداخل، كذلك يفترض أن يسعى محررو أخبار الأولى لبذل جهد شاق في عملية الانتقاء للأخبار الأكثر أهمية لوضعها في الصفحة الأولى، وهذا يخفف أيضاً من مسألة (البواقي) و(التتمات) التي تجعل الخبر مجزءاً وليس كاملاً..!
ومن الأخطاء التي يقع فيها القائمون على أمر الصفحات الأولى نسيانهم أحياناً لاستكمال الخبر بالداخل رغم أن في نهاية خبر الأولى توجد عبارة (البقية بالداخل)، وهذا يحدث غالباً بسبب كثرة هذه (البواقي) واللجوء إليها في آخر لحظة لإفساح مساحة لخبر آخر له أهمية..!
ربما الاتجاه الأفضل في الصحافة الآن هو اختزال خبر الصفحة الأولى، ثم فرد مساحة أخرى له قائمة بذاتها في الداخل ضمن تفاصيل كاملة. وفي هذه الحالة يلاحظ القارئ أن العبارة التي تكتب في نهاية الخبر هي (تفاصل أوفى بالداخل)، وبالتالي فإن القارئ يمكن أن يكتفي بقراءة خبر الأولى فقط لأنه يكون غير مجزأ، كما يمكنه أن يقرأ تفاصيل أخرى حوله بالداخل أو لا يقرأ.. حيث خبر الأولى هو مكتمل.. والخبر الآخر هو زيادة في التفاصيل ليس إلا..!
في كل الأحوال فهذا الجهد الذي يبذله القارئ هو جهد ممتع أكثر من كونه شاقاً وهو أشبه بالتنقل بالريموت كنترول حول الفضائيات ومع ذلك فهناك قراء يشكون من حكاية البقية بالداخل هذه. ويشاطرهم هذا الرأي بعض الصحفيين أيضاً الذين ينتمون إلى مدرسة الخبر الموجز والمختزل لا الطويل والمنقسم إلى خبر وبقية.. نقول ذلك رغم أن الأسباب التي تجعل (البواقي) موجودة في صحافتنا ما زالت قائمة، مع التأكيد على وجود الخيارات الأخرى أيضاً التي يمكن أن تقلل من ظهور عبارة (البقية بالداخل) على الصفحات الأولى.!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية