"الصادق" و"سارة"
أخيراً عادت لأسرة المهدي كامل سطوتها وسيطرتها على حزب الأمة القومي بعد إزاحة د.”إبراهيم الأمين” وتقديم الإمام السيد “الصادق” لثلاثة مرشحين ولم يترك لأعضاء الهيئة المركزية حرية الاختيار بل زكى لهم الدكتورة “سارة نقد الله”.. وطلب من الأعضاء التوافق على أحد المرشحين الثلاثة وإن عجزوا على التوافق عليهم رفع المرشحين الثلاثة لرئيس الحزب ليختار هو أحدهم أميناً عاماً.. “الصادق المهدي” اتخذ الديمقراطية والشورى لهواً ولعباً وجعل من المؤسسة التي يفترض أن تختار بطوعها واختيارها أمينها العام جسراً تعبر من خلاله رؤيته الخاصة.
{ وحزب الأمة من حيث الدستور واللوائح يعتبر حزباً ديمقراطياً في مظهره ولكن الطريقة التي يتخذها “المهدي” منهجاً لإدارة الحزب (تجريده) من فضيلة ديمقراطية.. وتلبسه ثياباً شمولية لمجرد أن يتصدى الرئيس أي رئيس الحزب للترشيح ويزكي أحد المرشحين فإنه بذلك يكشف عن رغبات نفسه وهوى قلبه وميله وذلك ما فعله السيد الإمام في اجتماعات الهيئة المركزية لحزب الأمة والتي جاءت بالسيدة “سارة” أميناً عاماً!
{ ارتقاء امرأة لمنصب الأمين العام لحزب جماهيري كبير مثل حزب الأمة حدث مهم ينبغي قراءته لا مظهرياً فقط من حيث إن حزب الأمة قد ارتقى من الطائفية إلى العصرانية ! أو أنه قد تخلص من سطوة (الذكورة) في الأحزاب السياسية.. ومنح امرأة كامل حق قيادة تنظيم يتم وصفه (بالرجعي) من قبل اليسار والمثقفين والطائفي من جهة الإسلاميين ولم يسبق تاريخياً لامرأة صعدت لقيادة حزب سوداني إلا في حالات نادرة مثل “هالة عبد الحليم” التي تقود حزباً صغيراً.. ولكن السيد “الصادق المهدي” بثقافته الواسعة واطلاعه وتجاربه التي مزجت بين الحداثة والتراث استطاع أن يحمل قيادات حزب الأمة للقبول بسارة نقد الله أميناً عاماً لحزب جماهيري تقع قاعدته العريضة في مناطق التعليم المنخفض وهي قاعدة تمارس السياسة على الطريقة السودانية.. والتي تجعل أحياناً من منزل القائد مكتباً يستقبل ضيوف الهجع الأخير من الليل وربما اتجه وفد من سنكات أو قلي ببحر أبيض أو قليصة في كردفان لمنزل الأمين العام لحزب الأمة ليلاً لأمر لا يحتمل مشرق شمس اليوم الثاني.. فكيف لامرأة لها حقها الخاص في وسط أسرتها الصغيرة أو الكبيرة أن تنهض بأعباء الموقع؟
وهل انتهت المحاصصة التي اتبعها في حزب الأمة في السنوات الماضية لاسترضاء قواعده في السودان الأوسط والسودان الغربي باختيار الأمين العام من تلك المناطق بعد أن أصبح منصب الرئيس (حكراً) على الأسرة المهدوية؟ وهل لو ذهب أعضاء الحزب لصناديق الانتخابات في اجتماعات الهيئة المركزية بعيداً عن تأثيرات الإمام المباشرة تستطيع “سارة نقد الله” منافسة أسماء كبيرة كانت تتوق لمنصب الأمين العام؟ وما أثر وصول السيدة “سارة” لموقع الرجل الثاني والرجل هنا مجازاً على المعركة القادمة بين السيد “الصادق المهدي” والسيد “مبارك الفاضل” الذي باتت عودته وشيكة ومعركة مع الإمام حتمية وهي أقرب لمعركة تقرير المصير.. هل يبقى حزب تحت عباءة الإمام؟ أم يتنفس طبيعياً بقيادة جديدة؟!