نقطة..!
} هذه نقطة.. مهمة وجوهرية.. وأساسية.. لكنها ليست نقطة بوليس.. أليس غريباً أن نمنح (النقطة) كل هذا القدر من الاهتمام والخطورة، في حين أن النقطة تبدو في حجمها ضئيلة إلى حد قد لا نراه أحياناً بالعين المجردة؟!
} لكن من ينكر ما يمكن أن تفعله نقطة.. فالحروف بلا نقاط لا معنى لها.. ووضع أو حذف النقطة يغير المعنى ويجعله على النقيض تماماً.. و(القول) الذي على قافه نقطتان يصبح (الفول) لو حذفت نقطة واحدة.. والقياس على ذلك يطول ولا يقصر.
} هذه النقطة على مقدمة ويمين السطر يلجأ إليها كثير من كُتّاب الأعمدة.. وحين تنظر إلى شكل العمود تجد أن كل الفقرات مزيلة بنقاط.. وهذا يعني وجود مجموعة من الأفكار لا تلتزم بالتداخل فيما بينها لكن الموضوع غالباً يكون واحداً..!
} والنقطة فيما يبدو هي المركز بدليل قولنا نقطة بوليس أو نقطة تفتيش.. لكنها تعني أيضاً الشيء الفاصل.. وهناك (نقطة تحول) التي تعني وجود حد فاصل لأمر ما.. وهذا كله يعطي ثراء مدهشاً للنقطة.
} النقطة لم ترتق ليقال عنها حرفاً.. فهي مجرد جزء من حروف تحتاج التنقيط.. ومع ذلك فهي ليست مجرد زينة في الحروف بل لها قيمتها ومعناها.. وطالما أن الحديث عن (التنقيط) فهذا المصطلح بالدارجة يعني مجموعة أشياء.. فالماسورة بتنقط موية.. والقطرة توضع في العين نقطة نقطة.. وفعل التنقيط يعني الشح أو القلة.. يعني بالقطاعي على حد قولهم.. وليس دفعة واحدة..!
} ولأن هذه هي المرة الأولى التي أضع فيها نقاطاً ضمن العمود اليومي.. فقد اكتشفت لاحقاً أن هذه الطريقة التي لا أتبعها تفيد كثيراً الكاتب في جانب ترتيب الأفكار وتسهيل إيصالها للقارئ.
} ومع ذلك لن استخدم (النقطة) في الأعمدة المقبلة إلا إذا ما دعت الضرورة.. فثمة ما يميز كل عمود صحفي.. أعمدة بنقاط وأخرى من غير نقاط.. وزاويتنا انحازت تلقائياً منذ الوهلة الأولى إلى (اللا نقاط).. هل يعني ذلك أننا لسنا موضوعيين ولا واقعيين؟!
} ماذا يفيد لو تأملنا كل الأعمدة الصحفية اليومية.. وقمنا بتقسيمها إلى قائمتين.. قائمة النقاط.. وقائمة اللا نقاط.. لنعرف أوجه الاختلاف والشبه.. وهو موضوع يصلح للدراسة من قبل الباحثين خاصة طلاب الإعلام!!
} ما كنت أوده باختصار، أن اكتشف (سر النقطة).. لكن يبدو أن ذلك يحتاج إلى مزيد من الوقت والجهد.. ونقطة!