أسفار "كرتي" (1)
} لا يقيم وزير الخارجية “علي كرتي” في وطنه السودان أسبوعاً واحداً إلا ويشد الرحال إلى إحدى الدول القريبة أو البعيدة!!
“كرتي” يوماً في البرازيل.. وكرواتيا.. وموزمبيق وروسيا التي دنا عذابها منذ (24) عاماً ولم تمت بعد، وأمريكا الجنة والفردوس على قول “عادل حمودة”.. يطوف وزيرنا أركان الدنيا ولا يستقر في وطنه إلا ليعد حقائبه لرحلة أخرى تمتد لأيام.. وزير خارجية السودان يلبي أية دعوة جاءته من وراء الحدود حتى ولو كانت من (هاييتي) التي نصرها الشعب السوداني أيام حربها مع أمريكا.. أو الصحيح حرب أمريكا ضد نظامها (الفاسد)، ولا يحتفظ (الهاييتيين) بأية مشاعر إيجابية نحو شعب السودان الذي لم يسمعوا به من قبل.
{ وزير خارجية السودان (يصعد) كل يوم على متن طائرة خاصة أو خطوط عامة.. وعلاقات بلادنا (متدحرجة) إلى الأسوأ كل يوم من القريب قبل البعيد، ويطبق علينا حصاراً يحرمنا من الدواء والغذاء والبترول ومدخلات الزراعة والصناعة.. وبعد أن كان الحصار غريباً من أمريكا وصويحباتها فرنسا وبريطانيا وألمانيا تمدد الحصار الاقتصادي إلى الأقربين من الأشقاء العرب والأفارقة.. وما يحدث من مقاطعة خليجية للسودان يمثل بداية لحصار طويل (يعتزم) مشايخ الخليج وبعض جنرالات المنطقة العربية فرضه على السودان، لا لترويضه، بل لاقتلاع نظام الحكم من جذوره واستبداله بنظام موالٍ لتلك المشيخات ووزير خارجية السودان (يطوف) على موسكو والصين وفرنسا وروما ولا عائداً منظوراً ولا فائدة مرتجاة من تلك الأسفار والرحلات، وإلا لتحسنت علاقات السودان الخارجية مع الدول العربية قبل الغريبة والأفريقية قبل الآسيوية، وتضرب الأمثال بعدد من القضايا عسى ولعل أن تكون في ذلك عبرة لأولي البصائر، فقد نشبت الأزمة في جنوب السودان وتدفق اللاجئون الجنوبيون نحو دول الجوار وبلغ عدد اللاجئين الجنوبيين في السودان حتى اليوم (47) ألف لاجئ، وعدد اللاجئين الجنوبيين حسب مفوضية اللاجئين ومنظمة الهجرة الدولية (10) آلاف لاجئ في أثيوبيا و(18) ألف لاجئ في كينيا و(170) ألف لاجئ بيوغندا، ولم يرد في تقارير المفوضية السامية لشؤون اللاجئين ولا منظمة الهجرة الدولية شيئاً عن أوضاع اللاجئين في السودان، ونالت أثيوبيا (10) ملايين دولار أمريكي كمساعدات للاجئين، ونالت كينيا نحو (15) مليون دولار أمريكي، ونصيب السودان صفر كبير، ولم ينل السودان حتى اليوم دولاراً واحداً.. هل لأن العالم (يتآمر) علينا ويسعى لتركعينا وإذلالنا؟ أم لأن خارجيتنا فشلت في إقناع الآخرين بأن السودان هو الدولة الوحيدة التي تأثرت اقتصادياً وأمنياً وسياسياً بانفصال الجنوب، والآن تدفع ثمن الحرب التي تدور في الجنوب أكثر من كل دول المنطقة؟! ووزير خارجية السودان يطوف العالم في ترحاله وأسفاره التي لا تنقضي!!
القضية الثانية التي تجسد فشل سياسات الدولة الخارجية هي الرهان على العلاقة مع إيران على حساب العلاقة مع دول الخليج، فالاقتصاد السوداني مرتبط بدبي وأبو ظبي وجدة والقاهرة وعمان أكثر من ارتباطه بطهران وشيراز وقم، فكيف لخارجيتنا تقدير مصالحنا العليا، ولا يدعي أحد إن سياستنا ترجح المبادئ على المصالح؟؟ فالمبادئ مع الخليج حيث وثاق الدين والعقيدة والمذهب والدم، وتظل السعودية ومصر والإمارات وقطر أقرب إلينا مودة من إيران وباكستان والصين وماليزيا مهما تنطع البعض سياسياً.
نواصل